Site icon EGYCommunity

نظم التعليم الجديدة ومتطلبات تنمية الوعي السيبراني

بقلم: د. إسراء علي

بدأت الدولة المصرية خطواتها نحو إصلاح التعليم منذ ما يقرب من ثلاث سنوات. ففي عام 2018، تم إطلاق وتنفيذ نظامين للتعليم: النظام الأول هو نظام التعليم الجديد (2.0) من خلال طرح مناهج جديدة كليًّا لمرحلتي رياض الأطفال والصفوف الثلاث الأولى من المرحلة الابتدائية. أما النظام الثاني، فهو نظام التعليم (1.1) للمرحلة الثانوية؛ حيثُ تم تطوير نظام التقييم ليصبح معدل وتراكمي لقياس وفهم نواتج التعلم والتي يتم تصحيحها إلكترونيًّا باستخدام الشاشات اللوحية (التابلت). وعلى الرغم من مزايا استخدام التكنولوجيا كأداة أساسية في أنظمة التعليم المصرية الجديدة، سواءً باستخدام السبورات التفاعلية الذكية في نظام التعليم (2.0) أو التابلت في نظام التعليم (1.1)، أو باستخدام المنصات التعليمية، مثل بنك المعرفة المصري في كليهما، إلا أن هناك مخاطر وتهديدات سيبرانية يمكن أن تضر المتعلمين، مما يتطلب إعداد ووضع خطة لتنمية الوعي بالسلامة السيبرانية في مدارسنا.

التطور الرقمي يفرض تطورًا في أنظمة التعليم

لقد تطورت إصدارات الإنترنت شكلاً ومضمونًا بتطور أهدافها ووظائفها؛ حيث بدأت بإصدار يهدف إلى تقديم محتوى ثابت للقراءة والإطلاع فقط. ثم تطور ليشمل المنتجات التعليمية، وكذلك توفير إمكانية لتخزين الصور الرقمية ومشاركتها وعرضها وطباعتها. ومع إنطلاق إصدار الويب الاجتماعي التشاركي، والذي يتميز بطرح محتوى رقمي قابل للتعديل، ويسمح بالتفاعل البشري ونقل الخبرات من خلال المدونات ومنصات التواصل الاجتماعي، تحول محتوى الإنترنت من كونه مجرد محتوى ثابت للقراءة إلى محتوى ديناميكي يستجيب لمدخلات المستخدم، الأمر الذي فرض تطورًا في نظام التعليم الذي يسعى إلى تنمية مهارات التعلم الذاتي المستمر من خلال جمع المعلومات والبيانات وتحليلها، والبحث عن فرص التعلم الذاتية خارج التعليم الإلزامي الرسمي. ويتضح هذا التطور في مناهج نظام التعليم المصري الجديد Education (2.0)؛ حيث يهدف إلى تكامل المعرفة، بما يساهم في تنمية مهارات البحث العلمي والتعلم الذاتي المستمر. وبالرغم من إتاحة بنك المعرفة المصري للطالب والمعلم، وتطوير المحتوى الرقمي للمناهج المصرية الجديدة وبناءها في ضوء معايير التنور التكنولوجي الدنيا فقط، إلا أنه لم يحدث أي تنمية لوعي الطلاب أو المعلمين بثقافة السلامة السيبرانية. فمن ثم، إن الأنظمة الجديدة للتعليم المصري ( (2.0و(1.1) لا يلبيان بالقدر الكافي الحاجة لتنمية مهارات التنور التكنولوجي بشكل عام، والوعي السيبراني بشكل خاص. ويظهر ذلك جليًّا في نظام (1.1) للمرحلة الثانوية؛ حيث يعتمد هذا النظام على توظيف التكنولوجيا (التابلت) كأداة فقط للتقييم، دون التطرق لتطوير المحتوى التكنولوجي. كما أنه يغفل القضايا التكنولوجيا المعاصرة كالأمن السيبراني، وهو ما يتطلب تطبيق خطة توعوية بالتوازي مع المناهج الحالية. 

سبل تنمية الوعي السيبراني في المدارس

يُمثل الأمن السيبراني تحديًّا اجتماعيًّا وتقنيًّا يتطلب توعية الأفراد بأهميته وبتأثيره؛ حيث يتعامل الأفراد في الغالب مع الإنترنت على أنه بيئة آمنة لتبادل المعلومات ولإجراء المعاملات. وقد سعت عديد من الدول إلى تأطير استراتيجية وطنية تُعزز الأمن السيبراني. وجدير بالذكر، أن مصر قد أطلقت الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني (2017-2021)، وتضمنت الاستراتيجية برنامج للتوعية المجتمعية بالفرص والمزايا التي تقدمها الخدمات الإلكترونية للأفراد والمؤسسات والجهات الحكومية، وبأهمية الأمن السيبراني لحماية تلك الخدمات من المخاطر والتحديات التي قد تواجهها، وذلك من خلال تنظيم فعاليات وحملات توعوية وندوات ومؤتمرات وورش عمل في مختلف القطاعات تخاطب مختلف المستويات، من بينها طلاب المدارس، بيد أن قطاع التعليم غير متضمن بالاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني، وذلك على الرغم من توسع وزارة التربية والتعليم في تطبيق التعلم عن بعد والتعلم الإلكتروني، وتزويد المدارس بالبنية التكنولوجية اللازمة لتطوير نظام التعليم المصري.   

وتتأثر عملية تنمية الوعي السيبراني بمستوى التنور التكنولوجي لدى الطلاب وتتدرج مستويات التنور التكنولوجي حسب الشكل التالي في ستة مستويات متتالية:

يضم المستوى الأول الطلاب الذين لديهم القدرة على تسمية بعض المفاهيم والمصطلحات المتعلقة بالأمن السيبراني؛ مثل الهاكر، والهجمات السيبرانية، والويب الأسود، والويب العميق، والقبعة الرمادية، والهوية الرقمية، وسياسة الخصوصية، وغيرها. لكن في الوقت نفسه، يوجد لديهم بعض الخلط بين المفاهيم. بينما يضم المستوى الثاني الطلاب الذين لديهم إلمام كبير بالمفاهيم والمصطلحات والذين يمكنهم التمييز بين المصطلحات والمفاهيم ويدركون الفرق بين خصائص كل مفهوم. أما في المستوى الثالث يصبح لدى الطالب إطار مفاهيمي يؤهلهم  لإدراك المخاطر والتهديدات السيبرانية. وتتطور المستويات تباعًا، ليصبح الطالب مثقفًا سيبرانيًّا ويمكنه نقد القضايا السيبرانية كالتنمر الإلكتروني، أو يكون قادرًا على تصميم برامج تدعم وتعزز الأمن السيبراني. 

ولتنمية الوعي السيبراني لدى الطلاب، يمكن تطبيق واستخدام النهج القائم على الألعاب الإلكترونية غير المتصلة بالإنترنت؛ حيث أظهرت الأبحاث التربوية جدوى استخدام الألعاب كأدوات تعليمية لنقل المعلومات حول السلامة السيبرانية والتعريف بالمخاطر والتهديدات السيبرانية؛ مثل التنمر الإلكتروني، والمحتوى الجنسي، والاحتيال، واختراق المعلومات الشخصية، وانتهاك الخصوصية، وسرقة كلمة المرور، وإلخ. 

أما عن تنمية الوعي السيبراني لدى المعلمين، فقد أطلقت مؤسسة الرخصة الدولية ICDL مقرر الأمن السيبراني للمربين والمعلمين في التعليم المدرسي من رياض الأطفال، وصولاً إلى المرحلة الثانوية. ويضم هذا المقرر محتوى تدريبيًّا يشمل الموضوعات الآتية

• استخدام الإنترنت والشبكات الاجتماعية في المدارس.
• مخاطر استخدام الإنترنت والشبكات الاجتماعية.
• التحرش والتنمر والتطرف الإلكتروني.
• إدارة سلامة الطلاب عبر الإنترنت.
• المواطنة الرقمية وحفظ الهوية الرقمية.
• موارد إشراك الطلاب في الأمن الرقمي.
• أخلاقيات الإنترنت (الوعي والإرشادات).

ويحصل المعلم أو المربي المُتدرب بعد إنهاء المقرر على شهادة ICDL في الأمن السيبراني، إلا أن هذه الشهادة ليست إلزامية للتقدم أو الترقي بوظائف التعليم في وزارة التربية والتعليم. إلا أن هذا الأمر يدعو إلى إعادة النظر في متطلبات الوظائف التعليمية لتشمل على اختبار يقيس الوعي السيبراني لدى المعلم المصري. 

Exit mobile version