Site icon EGYCommunity

الحماية الاجتماعية وتحقيق أهداف الجمهورية الجديدة

بقلم: محمود سلامة

بذلت الدولة المصرية جهودًا حثيثة من أجل تحقيق أقصى درجات الحماية الاجتماعية لمواطنيها منذ تولي الرئيس السيسي زمام الأمور في 2014 وحتى الآن، ولعل هذه الجهود تضاعفت بعد أن شرعت مصر في تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي كان له تأثير واضح على كل فئات المجتمع. ومع الإعلان عن الجمهورية الجديدة، قد يذهب البعض إلى ربط المصطلح بافتتاح العاصمة الإدارية الجديدة، ولكن المصطلح لا يرتبط فقط بالتوسع في المدن الجديدة أو مشروعات البنية التحتية، وإنما يرتبط أيضًا بإحداث تنمية بشرية حقيقية شاملة ومستدامة للجميع من خلال نظام تعليمي يتماشى مع المستجدات العالمية، ونظام صحي شامل وفعال، ونظام حماية اجتماعية للفئات غير القادرة على مجاراة التغيرات المتسارعة على جميع الأصعدة.

برامج فعالة لتقليل التفاوتات

تستهدف برامج الحماية الاجتماعية في الأساس تقليل التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية من خلال التخفيف من الفقر وتوسيع شبكات الأمان الاجتماعي؛ وقد نفذت الدولة المصرية جملةً من هذه البرامج للتغلب على الفقر متعدد الأبعاد وليس فقر الدخل فقط، فاستهدفت في بدايتها توفير السكن الكريم الذي يسمح بوجود مصدر للطاقة والمياه النظيفة، وتمكين جميع الفئات من التمتع بفرصة عادلة للتعليم، وإطلاق عديد من المبادرات الصحية للقضاء على قوائم الانتظار وتحسين صحة المرأة وأطفال المدارس، وأخيرًا تقديم الدعم النقدي والسلعي من خلال وزارتي التضامن الاجتماعي والتموين.

ولعل أبرز برامج الحماية الاجتماعية التي نفذتها الدولة المصرية ما يلي:

  1. «مشروع تطوير المناطق العشوائية»؛ حيث تمكنت الوزارات المسئولة من تطوير 300 منطقة عشوائية من إجمالي 357 منطقة في جميع أنحاء الجمهورية، وتسكين المواطنين من مناطق مثلث ماسبيرو، وتل العقارب، عين الصيرة ومجرى العيون، وإسطبل عنتر، والكباش في منازل آدمية تليق بهم وتؤسس لحياة اجتماعية كريمة. كما تم تطوير 188 منطقة غير آمنة و52 منطقة غير مخططة بإجمالي عدد وحدات يقترب من 390 ألف وحدة سكنية.
  2. «الرعاية الاجتماعية للأسر»؛ حيث بلغ عدد الأسر المسجلة في قاعدة بيانات وزارة التضامن الاجتماعي نحو 8 ملايين أسرة تضم 31 مليون مواطن، ووصلت مخصصات الدعم إلى 18 مليار جنيه في 2019، علاوة على 44 مليار جنيه مقدمة من خلال برنامجي تكافل وكرامة.
  3. «دعم السلع التموينية»؛ بلغ عدد المواطنين المستفيدين من السلع حوالي 64 مليون مواطن، كما يستفيد حوالي 71 مليون مواطن من دعم الخبز، ويستحق المواطنون الذين يقل دخلهم عن الحد الأدنى للأجور الاستفادة من خدمات الدعم التي تقدمها وزارة التموين.
  4. «رفع الحد الأدنى للأجور»؛ كان الحد الأدنى للأجور قد توقف عند 1200 جنيهًا فقط حتى العام الجاري، ولكن القرارات الرئاسية رفعت هذا الحد إلى 2400 جنيهًا وألزمت به القطاع الخاص أيضًا، لضمان تحسين مستوى أجور العمال والموظفين الذين يبتعد دخلهم الشهري عن هذه القيمة، الأمر الذي يؤثر على مستوى معيشتهم بشكل كبير.
  5. «المبادرة الرئاسية حياة كريمة»؛ بدأت المبادرة في 2019 بهدف توفير سبل الحياة الكريمة للفئات الأكثر احتياجًا في القرى والمراكز الفقيرة في الريف والمناطق العشوائية في المدن، وتمثلت تدخلاتها في البداية في توفير الدعم المالي، أو المساعدة في زواج اليتيمات، أو توفير الأجهزة التعويضية لغير القادرين، أو توفير التمويل للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر. وتنامى دور «حياة كريمة» خلال عامي 2020 و2021 ليشمل تطوير قرى الريف المصري بتكلفة تصل إلى 515 مليار جنيه. وتتضمن المبادرة العمل على محورين أساسيين: أولهما، هو تنفيذ مشروعات البنية التحتية بالكامل في جميع القرى المستهدفة، وثانيهما، هو التنمية الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين فيها من خلال الحملات التوعوية وتمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر.
  1. «الحماية أثناء جائحة كورونا»؛ تنوعت مبادرات الحماية الحكومية أثناء جائحة كورونا لتشمل دعم العمالة اليومية والأسر الفقيرة وتقديم دعم شهري للمستحقين الذين سجلوا بياناتهم على الموقع الإلكتروني لوزارة القوى العاملة.
  2. «حماية ذوي الهمم»؛ وفرت الدولة المصرية 125 ألف وحدة سكنية لذوي الهمم منذ أكتوبر 2020، كما التزمت بتوفير إطار قانوني يحميهم من التعرض للأذى المجتمعي، وتساعد وازرة التضامن الاجتماعي 4500 جمعية تعمل خدمتهم.

استمرار الجهود يحقق أهداف الجمهورية الجديدة

على الرغم من كل الجهود سالفة الذكر، وانخفاض نسبة الفقر من 32.5% إلى 29.7%، إلا أن هذه النسبة لاتزال مرتفعة وتحتاج إلى تضافر جميع الجهود الحكومية وجهود المجتمع المدني من أجل خفض تلك النسبة إلى أقل معدل ممكن لتحقيق الأهداف التنموية التي تضمنتها «رؤية مصر 2030» بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. فالفقر هو العدو الأول للتنمية، وهو أساس انتشار الجهل والممارسات غير السليمة التي تمثل تكلفة إصلاح ما خلفته على المدى البعيد أعباءً كبيرة تتحملها الدولة مستقبلاً. 

ولكي تكون برامج الحماية الاجتماعية أكثر فاعلية، لابد أن تتوافر للوزارات البيانات الحقيقية والواضحة حول أعداد المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر ومستوى تعليمهم وأماكن انتشارهم من أجل تحديد احتياجات هذه الفئات والعمل على الوفاء بها. علاوة على ذلك، فإن حملات نشر الوعي لابد ألا تتوقف، خاصة في المناطق التي تنتشر فيها الفئات الأقل تعليمًا، على أن تكون هذه الحملات محددة الهدف ومرتبطة بالخطط التنموية التي تعمل الدولة على تنفيذها.

إضافة إلى ما سبق، يُعد الحفاظ على معدلات المواليد عند أدنى مستوى ممكن بين الفئات غير القادرة أحد أهم الموضوعات التي ترتبط بالحماية الاجتماعية، ذلك أن استمرار الزيادة السكانية عند مستوياتها الحالية يؤثر بشكل كبير على قدرة الدولة على الوفاء باحتياجات جميع المواطنين بالجودة التي ترتقي لمستوى طموحات القيادة السياسية الحالية، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للفقر.

وختامًا، يُمكن القول إن الدولة المصرية عملت على مدار أكثر من سبع سنوات على تقديم برامج الحماية الاجتماعية بالشكل الذي يقلل التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية، ويحاول انتشال الفئات الأكثر احتياجًا من براثن الفقر؛ إلا أن مفهوم الجمهورية الجديدة يتطلب ألا تترك أحدًا يتخلف عن ركب التنمية، وأن يعمل الجميع على تحقيق أهداف التنمية المستدامة المنشودة بحلول 2030 بما يحقق العدالة والمساواة والحياة الكريمة لكل المصريين.

Exit mobile version