Site icon EGYCommunity

«في ذكرى نصر أكتوبر … كيف ننمي الهوية لدى أطفالنا بالألعاب الإلكترونية؟»

بقلم: د. إسراء علي

تمر علينا الذكرى الثامنة والأربعين لنصر أكتوبر المجيد، ولطالما عرض التلفزيون المصري بعض الأعمال الفنية السينمائية والدرامية المرتبطة بهذه الذكرى، كذلك اهتمت دائمًا وزارة التربية والتعليم بنشر دوريات عبر مديرياتها إلى المدارس التابعة لها لتنفيذ أنشطة طلابية لإحياء هذه الذكرى، والتي تنوعت ما بين الأعمال اليدوية، والرسم، أو الأعمال الفنية الأخرى كالدراما التاريخية من خلال مسرحة الأحداث المرتبطة بهذا النصر العظيم أو الاستعراضات الغنائية.

بيد أنه مع التطور الذي تشهده مصادر تنمية الهوية اليوم، فقد أضحت الألعاب الالكترونية واحدة من أكثر السبل شيوعًا، ليس فقط لقضاء أوقات الفراغ، خاصة مع ما فرضته جائحة كورونا من حتمية البقاء في المنازل لفترات أطول مما سبق. لكن أيضًا كسبيل نحو إثبات وتحقيق الذات من خلال إشباع الرغبة في المنافسة والإنجاز. فاحتلت جزءًا متزايدًا من الحياة اليومية لعديد من الأطفال، وصارت فاعلاً مؤثرًا في تشكيل الهوية؛ فلعبة مثل ببجي (PUBG)، حصدت المراكز الأولى عالميًا في إدمان ساعات استخدامها. الأمر الذي يثير تساؤلات عن كيفية توظيف الألعاب الالكترونية في تنمية الهوية لدى الأطفال؟ وما النظريات المفسرة لتطبيق هذه الأدوات في التعليم بشكل عام؟.

نظرية التلعيب (Gamification)

يتطور توظيف نظرية التلعيب (Gamification) في البيئات التعليمية لعدة أسباب يمكن إجمالها في كون اللعب يضفي متعة على الأشياء الصعبة فيعمل على تحفيز الطلاب وجعلهم أكثر تفاعلاً مع المسألة محل الممارسة. لذا، ترتبط نظرية «التلعيب» بالاستمتاع المبني على تحقيق الأهداف والغايات والوصول للإنجازات المنشودة. فيتولد ما يدعى بالإدمان على اللعب، لكن هذا الإدمان يرتبط بشكل مباشر باستدامة المحفزات كجمع النقاط، أو منافسة الأقران، أو النجاح في تكوين الفريق وإتمام المهام والعمل الجماعي، مما دفع صانعو السياسات إلى توظيف التكنولوجيا، خاصة إنتاج الألعاب التعليمية بهدف تبسيط العلوم، وتخفيف أعباء المعلم، والاستفادة من مميزات الألعاب في دعم العملية التعليمية.

تتعدد أهمية توظيف نظرية «التلعيب» في التعليم انطلاقًا من تعدد مميزاتها؛ حيث تساهم هذه النظرية في التغلب على بعض المشكلات النفسية لدى شريحة من الطلاب كالانطوائيين من خلال تعزيز شعورهم بتحقيق ذاتهم اتساقًا مع ما تقدمه الألعاب من امتلاك زمام التعلم الذاتي في جو أكثر استرخاءً، مع تقليل ضغط الأحكام الخارجية؛ حيث يمكن للمتعلمين ببساطة المحاولة مرة تلو الأخرى دون ضغوط، بالإضافة إلى إضفاء المرح عبر التعلم المرئي ومتابعة مؤشرات تقدم التعلم، وكذلك تمكن الطلاب من استكشاف هوياتهم. فبيئات الألعاب تمثل مساحات للانفتاح على ارتكاب الأخطاء دون حذر ما يعني المزيد من التعلم القائم على المحاولة والخطأ. في سياق متصل، تدعم الألعاب التعليمية تنمية مستويات تركيز أعلى بين الطلاب ما يحقق فرص أكثر نحو التفكير الناقد والإبداعي، وعليه فقد أثبتت نظرية التلعيب فاعليتها، سواءً في البيئات التعليمية أو أماكن التعلم الإلكتروني أو حتى بالنسبة للشركات التي تستخدمها لتدريب الموظفين.

لعبة العرش  (The Throne): مقترح لتنمية الهوية

يدعو هذا المقترح إلى دعم مبادرة تسعى إلى ترسيخ قيم المواطن الصالح من خلال إنتاج ألعاب إلكترونية تستهدف الأطفال والشباب من سن 10 سنوات حتى 18 سنة. وتعزز معرفة تاريخ مصر والشخصيات البطولية لتأصيل الهوية والانتماء لدى أطفال وشباب مصر؛ بحيث يتم بناء هذه الألعاب في ضوء قيم وخصائص المواطن الصالح والتي يمكن إيجازها في أربعة قيم أساسية، هي: 

  1. قيمة تقدير الذات (أن يعتز الفرد بنفسه كونه مواطن مصري)

خصائص المواطن في ضوء القيمة الأولى: 

  1. قيمة احترام الآخرين (أن يستطيع الفرد تكوين العلاقات مع الآخرين واحترام الاختلاف)

خصائص المواطن في ضوء القيمة الثانية: 

  1. قيمة المسئولية الاجتماعية والمدنية (أن يتطوع الفرد في أنشطة تخدم المجتمع)

خصائص المواطن في ضوء القيمة الثالثة: 

  1. قيمة تقدير التراث الثقافي والحضاري لمصر

خصائص المواطن في ضوء القيمة الرابعة: 

 أما عن اسم لعبة العرش (The Throne) فهو يعكس الفكرة الرئيسية لها، وهي الحرب من أجل الوصول لعرش مصر، كمكون حربي وعسكري. وكذلك بناء العاصمة المصرية للشخصية التاريخية المصرية المحاربة، كمكون اقتصادي واجتماعي. وسيتطلب تنفيذ هذا المقترح إجراء بعض الدراسات الأولية المتعلقة بتأثير الألعاب الإلكترونية على تلبية الاحتياجات النفسية الأساسية كالثقة وتقدير الذات. علاوة على ذلك، حصر عدد الشخصيات التاريخية المصرية لإنتاج سيناريوهات اللعبة مع مراعاة عناصر الجذب المحفزة لتعميق الهوية والانتماء كالمؤثرات الفنية عالية الجودة، كالرسوم المتحركة والموسيقى والألوان.

وعلى صعيد متصل، وبهدف إثراء الإبداع يمكن أن يتم إطلاق مسابقة للطلاب والباحثين بمجالات البرمجة وتكنولوجيا صناعة الألعاب الإلكترونية بالجامعات والمعاهد المصرية بهدف إنتاج اللعبة المقترحة تحت رعاية رئاسية، وبدعم من وزارة التعليم العالي وبعض الجهات العربية؛ مثل مبادرة مليون مبرمج عربي أو منظمات ريادة الأعمال ومسرعات الأعمال التي تهتم بالتكنولوجيا؛ مثل ميكروسوفت وغيرها.

وفي الختام، تشكل جملة المعطيات التي يفرضها تحول العالم اليوم بفضل التكنولوجيا تطوير مجموعة من الإجراءات التي تحقق التكيف، فقد فرضت كورونا استخدام التعلم عن بعد، كما قضت الألعاب الالكترونية وجودًا لا يمكن منعه، فأصبحت فرص التنمية في هذا المجال بما يلائم الأهداف التربوية ويخدم قيم المجتمع مهم ويحتاج إلى مزيد من البحث والدراسة.

Exit mobile version