Site icon EGYCommunity

بسم الله … أول أغنية في يوم النصر

بقلم: رضوى حسن

المكان: مبنى الإذاعة والتليفزيون ماسبيرو 

الزمان: 6 أكتوبر عام 1973

بمجرد انتهاء البيان الخاص بما قامت به القوات المسلحة المصرية في يوم السادس من أكتوبر عام 1973، عمت صيحات التكبير والتهليل والفرحة بالنصر في كافة شوارع وبيوت مصر. وكان المصريون يرددون «الله أكبر»، وكأن الجميع يهتفون خلف الجنود على الجبهة.

فرحة النصر شعر بها كل مصري ومصرية؛ فكان العامل والفلاح والطبيب وربة المنزل يرددون هتافات النصر. أما المطربون والملحنين والشعراء، أرادوا أن تكون هتافاتهم من خلال أغانٍ وأعمال بروح النصر. وكانت استديوهات الإذاعة وأثيرها هما طريق عبور وخلود تلك الأغنيات حتى الآن، ورسائل تشعل حماس الجنود على الجبهة.

في يوم السادس من أكتوبر، استيقظ الموسيقار بليغ حمدي على أصوات المصريين وهم يرددون «بسم الله … الله أكبر». فعلى الفور، قرر أن يتوجه لمبنى الإذاعة والتليفزيون هو وزوجته آنذاك الفنانة وردة الجزائرية والشاعر عبد الرحيم منصور، ويستلهم من تلك الهتافات أغنيته الشهيرة «بسم الله». عندما وصلوا إلى هناك منعهم حراس الأمن من دخول المبنى، وهنا لم يستطع بليغ الانتظار وطلب من الإذاعي وجدي الحكيم أن يتركهم يدخلون المبنى. وعندما رفض أصر بليغ على موقفه، وقال إنه سيقوم بتحرير محضر في قسم الشرطة لوجدي الحكيم بأنه متسبب في منعه من أداء دوره الوطني. وهنا وافق رئيس الإذاعة في ذلك الوقت «بابا شارو» وسمح لهم بالدخول، ظل الثلاثي بليغ ووردة وعبد الرحيم منصور في المبنى لمدة يومين متواصلين، وكتب بليغ تعهدًا بتكفله لتكلفة التسجيل والفرقة الموسيقية كاملة، وأنه سيقدم تلك الأعمال مجانًا دون أن يتقاضى أي أجر، نتج عن هذه الروح الفريدة أغنيتين من أروع الأغنيات؛ وهما «بسم الله» و«على الربابة». وتمت إذاعتهما بعد تسجيلهما على الفور مما ساهم في رفع الروح المعنوية للجنود على الجبهة وللمصريين جميعًا.

لم يختلف موقف المخرج يوسف شاهين عن باقي الفنانين؛ ففي يوم السابع من أكتوبر اتصل شاهين بالإذاعي وجدي الحكيم وعرض عليه أغنية «رايات النصر»، من كلمات الشاعرة نبيلة قنديل وألحان الموسيقار علي إسماعيل. وتم تسجيلها في اليوم نفسه، وهي الأغنية التي نردد كلماتها حتى الآن «رايحين رايحين شايلين في إيدنا سلاح». 

كذلك غنت الفنانة شادية من كلمات عبد الرحيم منصور وألحان بليغ حمدي أغنية «عبرنا الهزيمة يا مصر يا عظيمة»، وهي مأخوذة عن افتتاحية مقال للكاتب الكبير توفيق الحكيم نشر يوم السابع من أكتوبر.

أما عن أغنية «أم البطل» للفنانة شريفة فاضل، فقد استلهمت أغنيتها من استشهاد ابنها الطيار في حرب الاستنزاف. وعندما علمت بانتصارات أكتوبر طلبت من الشاعرة نبيلة قنديل أن تكتب أغنية لأمهات الأبطال، وبالفعل كتبت كلمات الأغنية الشهيرة “ابني حبيبي يا نور عيني بيضربوا بيك المثل، كل الحبايب بتهنيني طبعًا ما أنا أم البطل»، ولحنها الموسيقار علي إسماعيل، وتم تسجيلها باستديوهات الإذاعة بعد موافقة «بابا شارو».

أما العندليب عبد الحليم حافظ، فقدم عدة أغنيات وطنية في تلك المعركة، وتعبيرًا عن فرحة النصر؛ مثل أغنيات «لفي البلاد يا صبية» و«عاش اللي قال» و«سكت الكلام»، و«صباح الخير يا سينا»، وكل أغنية منهم تحتل في قلوبنا مكانة كبيرة.

السندريلا سعاد حسني أيضًا أصرَّت على تقديم أغنية تحيي فيها «العساكر المصريين» وهي أغنية «دولا مين» من كلمات الشاعر أحمد فؤاد نجم وألحان الموسيقار كمال الطويل.

أكثر من 55 أغنية تم إنتاجها في هذه الفترة، وأغنيات عديدة خالدة جسدت كل المناسبات الوطنية التي عاشها الشعب المصري حتى في لحظات الهزيمة؛ مثل «عدَّى النهار» و«يا بيوت السويس» وغيرهم من أجمل الأغاني والألحان التي ستظل في وجداننا، لتذكرنا دائمًا بأن مصر باقية بمبدعيها ومثقفيها وشعبها الأبي الوطني المخلص الذي يبني ويعمر ويدافع عن أرضه.

Exit mobile version