بقلم: محمد عبدالحكيم
نحتفل هذا العام بالذكرى الثامنة والأربعين لنصر أكتوبر المجيد، ولم يمض سوى أقل من خمسين عامًا على هذا النصر العزيز المؤزر، وقد طالته أيدي التشكيك و قلب الحقائق من العدو، ومن قلة من المنافقين؛ حدث هذا ولا تزال أرض مصر الطيبة تفخر بحمل من انتظر من أبطالنا و لم يقض نحبهم، يمتعون آذاننا بذكرى بطولاتهم ويصورونها لنا رأي العين تاركينا في حال يمتزج فيه الفخر بالعزة وملأى بجرعة من حب الوطن والفداء تكفينا حتى أن يواري علينا الثرى.
فما بالنا بما سيحدث بعد أن يفارقنا هؤلاء الأبطال؟… وهل هذا الحال من الفخر والعزة هو حال كل أبناء جيلنا والأجيال اللاحقة؟… هذا ما يجب طرحه والتفكير فيه من أسئلة، ونحن على مشارف اليوبيل الذهبي للحرب.
فمن المحزن أن ترى من الأجيال الحديثة من يظن أن السادس من أكتوبر مرتبط باسم مدينة أو مدرسة أو مستشفى….ويوثق هذا في فيديوهات، على سبيل المزاح متناسيين أو متغافلين عن أسباب تلك الكارثة وما ورائها من أسباب أبرزها؛ ضعف التعليم الحكومي لعقود أو الاتجاه للتعليم الأجنبي والاحتفاء بأعياده، ومناسباته على حساب تاريخنا أو غيرها من العوامل التي تحتاج دراسة مفصلة لرصدها ومعالجاتها.
علاوة على ذلك، ومع كل ذكري للحرب يطل علينا المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي عبر منصاته على مواقع التواصل الاجتماعي؛ ليصف حرب أكتوبر بأنها بلا منتصر و لا مهزوم. وأن نتائجها جاءت في صالح الطرفين بناءً على رغبة إسرائيل في السلام. يقابل تلك الإدعاءات سخرية من معظمنا واستغراب من البعض وتأييد من بعض الخونة والمغيبين، وتلك الفئة الأخيرة هي المستهدفة من منشوراته المسمومة وما شابهها من صفحات ومنصات تدار من قبل الجيش الإسرائيلي. ويتضح من ذلك وجود استراتيجية إعلامية وخطة عمل واضحة للعدو للتقليل من هذا الانتصار و تدليس حقيقة انتصار مصر.
بناءً على ما سبق، فنحن بحاجة لجهة تتبنى تخليد ذكرى حرب أكتوبر و تنسق بين الهيئات و المؤسسات لإحياء تلك الذكرى بشكل يعلق في الأذهان، وهو ما يستوجب معه وجود استراتيجية مماثلة من قبل الدولة المصرية للترويج لهذا النصر بلغة العصر . فالوصول للشباب المصري، خاصة النشء وتعريفهم بهذا الإنجاز يكون عبر ما يستخدمونه من منصات، وما يستخدمونه من أدوات حتى و لو في الترفيه و التسلية.
على سبيل المثال، يقضي كثير من الشباب و الصغار وقتًا ليس بالقليل أمام ألعاب الحروب والقتال، واستهوتهم تلك الفئة من الألعاب الإلكترونية (ببجي نموذجًا)؛ فهل من الصعب علي مصر بما فيها من عقول في مجالات البرمجة و الجرافيك و الرسوم المتحركة صنع لعبة مماثلة عن حرب أكتوبر؟
كما انتشرت في المولات ومراكز الترفيه ألعاب جماعية تشارك فيها الفرق من رواد تلك الأماكن لاجتياز عقبة أو مغامرة ما. فما المانع أن تتبنى نوادي القوات المسلحة تدشين ألعاب من هذا الطراز توثق و تحاكي حرب أكتوبر.
ما سبق يمكن تصنيفه تحت بند الترفيه. أما من حيث الفن و صناعته؛ فهل من الصعب علينا إطلاق مهرجان فني سنوي في ذكرى النصر تتنافس فيه مختلف أنواع الأفلام، سواءً سينمائية أو تليفزيونية أو وثائقية أو رسوم متحركة. فمن غير المعقول أن الأعمال الفنية التي توثق النصر أو الأفلام الحربية عن تلك المرحلة تعد على أصابع اليد الواحدة.
أما فيما يخص وسائل التواصل الاجتماعي، لا أنكر جهود الشئون المعنوية بالقوات المسلحة المصرية في صناعة محتوي رقمي عن النصر، سواءً بلقاءات مع أبطال الحرب أو مشاهد حقيقية مصورة من هنا أو هناك و لكن الأهم كيف يصل هذا المحتوى للنشء و كيف يستهدف قاعدة أوسع و منصات أكثر و بالشكل المختصر المركز الجاذب الذي يتناسب مع من يرغبون في مشاهدته.
وأخيراً نحن أمام تحدٍ ضخم وآلات إعلامية تصرف المليارات لمحو أي إنجازات لمصر أو على أقل تقدير التشكيك فيها، فهل نحن على استعداد لإعداد جيل يحتفي و يحتفل بمئوية النصر!