بقلم: منى لطفي
العمل الإنساني هو أسلوب حضاري، وواجب على كل إنسان، وقد حثت جميع الأديان السماوية عليه، نظرًا لأهميته الكبيرة في إعانة الذين يواجهون ظروف صعبة وحرجة في تلبية متطلبات الحياة، كما إنه يساهم في النهوض بالمجتمع، ويزيد من تماسك أبنائه، فيجعله صلبًا في مواجهة الصعاب.
فإن ترسيخ قيم العمل الإنساني لدى الشباب واعتبارها واجب أخلاقي على كل فرد من أفراد المجتمع، وتخصيص أوقات لتعليمهم قيمة الشعور بالآخرين ومساعدتهم يجعلنا ننشئ جيلاً يتحلى بروح التفاهم والتعاطف مع أنفسنا أولاً، ومع أسرنا ومجتمعنا ثانيًّا.
وبما أن العمل الإنساني يعطى شعورًا بالراحة النفسية، فمساعدة الآخرين تخلق نوعًا من تقدير الذات، كما إنها تعد فرصة جيدة للالتقاء بأشخاص جدد يؤمنون بنفس المبادئ والمبررات التي جعلتك تسير فى العمل الانسانى، وبالتالي يعزز لديك مبدأ العطاء.
ومنذ عام 2003م، خُصص يوم 19 أغسطس من كل عام للاحتفال باليوم العالمي للعمل الإنساني، تخليدًا لذكرى الهجوم الذي وقع في 19 أغسطس 2003م على فندق القناة بالعاصمة العراقية بغداد. و قد أسفر التفجير عن مقتل 22 شخصًا من بينهم الدبلوماسية المصرية الراحلة نادية يونس، وفي عام 2009م، أضفت الجمعية العامة للأمم المتحدة الطابع الرسمي على هذه الذكرى بإعلان رسمي عن اليوم العالمي للعمل الإنساني.
و هنا نجد بعض الأسئلة تطرح نفسها؛ مثل ما الذي يمكن فعله لتخفيف المعاناة عن ضحايا الكوارث والفقر؟ وهل الاهتمام بمعاناة الناس مهمة ملقاة على عاتق الدولة أم المؤسسات أم على الأفراد أيضًا؟، وهل تكفي المساعدة هنا والدعم أم يجب التفكير بطريقة استمرارية؟
هذه الأسئلة وغيرها وجدت إجاباتها في السياسة العامة للدولة المصرية وجهودها الإنسانية تجاه المجتمعات والشعوب المتضررة، ومنها مساندة الدولة لدولة لبنان أثناء حادث انفجار مرفأ بيروت، فقد أرسلت مصر حاملة المساعدات الإغاثية في إطار توجيهات سريعة من قبل القيادة السياسية، حتى بات يصل إلى لبنان من مصر طائرة إغاثية كل 48 ساعة تقريبًا، وكذلك المساعدات الغذائية التي تم إرسالها إلى دولة السودان بعد حدوث السيول التى أدت إلى تدمير عديد من القرى.
كما أنه منذ بداية أزمة فيروس كورونا المستجد، حرصت مصر على إرسال شحنات من الإمدادات الطبية لعدد من الدول المتضررة بالفيروس؛ منها الصين وإيطاليا الولايات المتحدة وبريطانيا والهند وتونس والعراق واليمن وقطاع غزة والسودان. وساهمت مصر في الصندوق الإفريقي للاستجابة لجائحة كورونا التابع للاتحاد الإفريقي، وكذلك أرسلت مصر مساعدات طبية إلى ٣٠ دولة إفريقية بقيمة ٤ مليون دولار.
وهو ما يعكس حرص الدولة المصرية على تقديم المساعدات الطبية لأصدقائها من دول العالم التى عانت من آثار الجائحة، وكذلك دعمها وتضامنها وتعاطفها مع تلك الشعوب في أوقات المحن والأزمات. بل وصارت مصر بذلك ترسخ ثقافة العمل الإنساني كمكون أساسي لثقافة المجتمع ككل، وأصبحت مواقفها تجاه الدول الأخرى نموذجًا لكل فرد، ومن خلالها يمكننا أن ندرك أن العمل الإنساني ليس ردة فعل على حادثة ما، بل يجب أن يكون منهج حياة.