كتب : منى أمير شاكر
عيوننا إليكِ ترحل كل يوم، تدور في أروقة المعابد، تعانقُ الكنائسَ القديمة، وتمسحُ الحزنَ عن المساجد. لم أجد بداية أستهل بها الحديث عن فلسطين خيرًا من كلمات الأخوين رحباني بصوت جارة القمر السيدة فيروز. فلسطين قضية كل مصري وكل عربي وكل ذي صاحب حق وكل إنسان على وجه البسيطة ألبسه الله ثوب العقل الواعي والضمير اليقظ. فلسطين قضيتُنا جميعًا إلى أن يعود الحق إلى صاحبه وإلى أن تقوم الساعة.
لم تمنع نفحات أيام العشر الأواخر من رمضان المُعظّم وبشائر وفرحة عيد الفطر المبارك العدوان الصهيوني الغاشم من تكدير صفو حياة الأشقاء الفلسطينيين من ممارسة كل أشكال الإرهاب والعنف على الأطفال قبل الكبار؛ فبعد اقتحام شرطة الاحتلال الصهيوني باحات المسجد الأقصى المبارك مسرى نبينا الكريم محمد “صلى الله عليه وسلم” وبعد قرار المحكمة العليا الإسرائيلية بشأن الإخلاء القسري لأُسر فلسطينية من منازلهم بحي الشيخ جراح بمدينة القدس اندلعت “حرب غزة” في مايو الماضي إلى أن انتهت الاشتباكات والأحداث الدامية بعد وساطة وتدخل الشقيقة مصر لوقف إطلاق النار.
فلسطين هي قضية أمن قومي لمصر على مر العصور، ودومًا ما تقف مصر إلى جانبها وتقدم لها كل أشكال الدعم المادي والمعنوي والإنساني والدبلوماسي كإرسال المعونات الطبية والغذائية وأيضًا فتح معبر رفح لاستقبال العالقين وعلاج المصابين وتبادل الوفود الأمنية والقيادات رفيعة المستوى بين القاهرة والقدس، فأبدًا لم ولن تنسى مصر القضية الفلسطينية.
بعد القرار النبيل الإنساني الصائب الذي لفت أنظار العالم أجمع، وأثلج صدور الملايين داخل مصر وخارجها، من جانب القائد والأب والأخ السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية حين قرر فخامته رصد ٥٠٠ مليار جنيه لإعادة إعمار قطاع غزة وتخصيص حساب في صندوق تحيا مصر للتبرع لصالح فلسطين، وكذلك مساهمة الهلال المصري ووزارة الأوقاف المصرية وغيرهم من مؤسسات الدولة.
لم تقف الأكاديمية الوطنية للتدريب مكتوفة الأيدي تتابع الأحداث وحسب بل مدت يد العون أيضًا إلى فلسطين الشقيقة إيمانًا منها بدورها في المجتمع ليس داخل حدود مصر فقط بل وخارجها أيضًا؛ فمثلما تخصص الأكاديمية برامج لتأهيل وتدريب الأفارقة لم تنس الأشقاء الفلسطينيين؛ حيث قررت د. رشا راغب، المدير التنفيذي للأكاديمية الوطنية للتدريب، تسخير كل الإمكانات لدعم تطوير الكوادر البشرية الشابة بدولة فلسطين وتأهيلهم بالبرامج المختلفة التي تقدمها الأكاديمية بالشراكة مع كبريات المؤسسات الدولية؛ لتمكينهم من الوقوف على أحدث مستجدات الإدارة والقيادة والتكنولوجيا وغيرها من الموضوعات والأنشطة المخصصة لتدريب الكوادر القيادية؛ لتمتد أيادي مصر البيضاء إلى الأشقاء في فلسطين.
قامت الأكاديمية الوطنية بتخصيص خمس منح كاملة في البرنامج الرئاسي لتأهيل التنفيذيين للقيادة الدفعة الرابعة والتي من المقرر أن تبدأ فور انتهاء الاختبارات للمتقدين ليتم تدريب الأشقاء الفلسطينيين جنبًا إلى جنب مع أشقائهم المصريين، ليس هذا فحسب بل سيتم إتاحة برنامج تدريبي على مهارات القيادة والإدارة ٢٠٠ متدرب من الفلسطينيين عبر المنصة الإلكترونية للأكاديمية، بالإضافة إلى أنه سيتم التنسيق مع الأطراف المعنية لتنفيذ برنامج تدريبي للكوادر الفلسطينية بالأكاديمية.
دمت يا مصرنا عزًا وفخرًا ومجدًا وسندًا لنا ولفلسطين ولكل محتاج بل وللعالم بأسره. ندعوك ونناجيك يا الله بكل ذرةٍ في كياننا أن تنصر فلسطين وأن تُبشرنا جميعًا بفرحةٍ تُقر بها أعيُننا وأفئدتنا بعودة المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين سالمًا غانمًا.