بقلم: م. إبراهيم رمضان عبدالحميد
مدير مشروعات بالمكتب الفني للوزير، وزارة المالية
لماذا تتجه مصر نحو الاقتصاد الأخضر؟ للإجابة على هذا السؤال، يجب أولاً تعريف مفهوم «الاقتصاد الأخضر» الذي يعتبر من أهم المفاهيم الحديثة التي تساعد الدول في مواجهة التحديات البيئية. فهو اقتصاد يهدف إلى الحدّ من المخاطر البيئية وتحقيق التنمية المستدامة؛ حيث أنه يقلل من نسبة الكربون في الهواء ويساعد على توفير الطاقة النظيفة، والتي لها أثر سلبي على الحياة اليومية للأفراد بشكل عام. ويشمل «الاقتصاد الأخضر» ستة قطاعات متنوعة، تساهم بشكل كبير فى ترشيد الاستهلاك والحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة، مع الاستفادة من الطاقة الجديدة والمتجددة، في شتى مناحي الحياة. كما يعد اقتصادًا يؤدِّي إلى حالة الرفاه البشري والإنصاف الاجتماعي، مع العناية في الوقت ذاته بالحد من المخاطر البيئية على نحو ملحوظ.
ومن بين القطاعات الستة التي يضمها الاقتصاد الأخضر صديق البيئة؛ المباني الخضراء مثل مباني العاصمة الإدارية الجديدة وأيضًا المباني في اثنين وعشرين مدينة الجديدة تبنيها مصر حاليًّا، والطاقة المتجددة، بكل ما فيها سواء الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والنقل المستدام؛ مثل مزرعة «رياح الزعفرانة» بقدرة 545 ميجا وات، ومزرعة «رياح جبل الزيت» بقدرة 580 ميجاوات، والمحطة الشمسية الحرارية بالكريمات، ومجمع «بنبان» الشمسي للخلايا الفوتو فولطية بقدرة 1465 ميجا وات، ومحطة الخلايا الفوتو فلطية بكوم أمبو بقدرة 26 ميجاوات، بالتعاون مع الوكالة الفرنسية للتنمية، وكذلك إدارة المياه، وإدارة الأراضي، وإدارة النفايات؛ مثل مشروع تبطين الترع.
كما يُستخدم الاقتصاد الأخضر في الصناعات الناشئة، ويعتمد على الطاقة المتجددة، مثل الرياح والطاقة الشمسية وغيرها، إلى جانب المساعدة في توفير الطاقة بالمباني الخضراء لكي تصل إلى أعلى كفاءة. وبدأ التزايد في النظر إلى والاهتمام بمفهوم الاقتصاد الأخضر باعتباره أحد عوامل نجاح وتقدم الدول كونه أحد أهم عوامل تحقيق أهداف التنمية المستدامة منذ قمة ريو دي جانيرو عام 1992؛ حيث ألزم حكومات الدول بتطبيق اقتصاد مستدام.
ومن هذا المنطلق، جاء اهتمام القيادة السياسية في مصر بالبعد البيئي كأولوية وركيزة رئيسة في جهود الجمهورية الجديدة وبرامجها؛ ومن ثم التركيز على ضرورة التحول نحو الاقتصاد الأخضر، وذلك في إطار تنفيذ خطط التنمية المستدامة واستراتيجية مصر 2030. ونجد أن استراتيجية الجمهورية الجديدة تستند في صميمها على كثير من مبادئ الاقتصاد الأخضر وأهدافه المنشودة؛ فهي تهدف إلى توسيع مدى الأهداف المحددة لقطاعات معينة. على سبيل المثال في قطاع الطاقة، تم وضع خطة طويلة الأجل للطاقة الريحية، استهدفت تلبية 20٪ من الاحتياجات الكهربائية من مصادر للطاقة المتجددة بحلول عام 2020، وهو ما تم إنجازه بالفعل.
كما تعتمد جمهوريتنا الجديدة في فلسفتها للخروج من الأزمات، سواءً الاقتصادية أو الاجتماعية، على الإيمان الكامل بغنى أرض مصر الطيبة بمصادر الطاقة المتجددة، والطاقة الشمسية وطاقة الرياح. فمشروعات تركيب محطات الكهرباء وربطها على أسطح المباني تعد من أكثر المشروعات تأثيرًا على البعدين الاقتصادي والاجتماعي. كما أن هناك سوق ضخم واعد لمشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في مصر، وقابل للنمو خلال سنوات قادمة، ولكن أهم ما يستلزمه هو توافر التشريعات والقوانين الداعمة له.
وفي النهاية الجزء الأول من هذا المقال، نقول إن عملية التحول إلى الاقتصاد الأخضر ليست قرارًا فوقيًّا، بل عملية طويلة وشاقة، وجهد مكثف تشارك فيه كافة الأطراف، من القمة إلى القاعدة. ولاتزال الرحلة الطويلة أمام جمهوريتنا الجديدة نحو تحقيق الاقتصاد الأخضر، ونستكمل الحديث حول التكنولوجيا الخضراء ومدي ارتباطها بالاقتصاد الأخضر في الأجزاء القادمة.