بقلم: جمال عبدالحميد
إن ما تشهده مصر اليوم من تنمية شاملة على كافة الأصعدة العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية ويجني ثماره المواطن المصري، كان أشبه بالأحلام للمصريين، إلا أن الرئيس السيسي يثبت لنا يومًا بعد اليوم أنه بالعمل والإخلاص وحب الوطن، لم يعد هناك متسعًا للمستحيل على أرض مصر الغالية. ولعل ما يشهده القطاع الصحي في مصر من تطوير وتنمية شاملة على مدار السنوات الماضية، أصبح من بين أبرز ملامح الجمهورية الجديدة. ومن بين آخر الإنجازات بهذا القطاع، إطلاق «المشروع القومي للتبرع بالبلازما»، الذي ذكر الرئيس عبدالفتاح السيسي أنه كان حلمًا يراوده منذ أن كان وزيرًا للدفاع، والآن يتحقق على أرض الواقع.
في يوليو الماضي، أطلقت وزارة الصحة والسكان «المشروع القومي للتبرع بالبلازما» ضمن مشروعات «مبادرة 100 مليون صحة»، وهو حدث تاريخي ونقلة طبية في مصر والعالم العربي. فهو يهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من مشتقات البلازما لعلاج عديد من الأمراض المزمنة، بدلاً من استيرادها من الخارج، من خلال التبرع. وحسب تصريحات وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد، فإن «مشروع تصنيع مشتقات البلازما هو من أعلى تكنولوجيا تصنيع في العالم في المجال الحيوية والبيولوجية، ودول قليلة في العالم لديها تلك التكنولوجيا».
وتكمن أهمية بلازما الدم، كأحد مكونات الدم، في أنها تشكل حوالي 55٪ من الحجم الكلي للدم في جسم الإنسان. وتلعب دورًا مهمًا في نقل الماء والأملاح والعناصر الغذائية؛ مثل السكريات والفيتامينات والهرمونات وغيرها. وتعد الاستخدامات الأكثر شيوعًا للتبرعات بالبلازما علاج الأشخاص الذين عانوا من الصدمات الشديدة أو الحروق، والبالغين أو الأطفال الذين يعانون من الإصابة بالأورام، والأفراد المصابين باضطرابات الكبد.
أما عن ثقافة التبرع، فإن هذا المشروع يقدم نموذجًا جديدًا للمشاركة المجتمعية في مجال الرعاية الصحية في مصر، لإنقاذ آلاف الأرواح وتحسين صحة عديد من المرضى والارتقاء بجودة حياتهم. وجاء في طليعة هذه المشاركة الحيوية الشباب المصري. ولا شك أنه من بين أهم أركان قيام هذا المشروع ونجاحه هو توعية المواطن بأهمية التبرع بالدم وتعزيز هذه الثقافة لدى الشباب، خاصة في ظل وجود مخاوف لدى البعض من التقاط عدوى كورونا. وهنا يجدر بنا الإشارة، إلى أن التبرع بالبلازما يعود بعدة فوائد على المتبرع، أهمها تنشيط النخاع العظمي للمتبرع لإنتاج خلايا دم جديدة، وتنشيط أجهزة الجسم المسئولة عن تجديد بروتينات البلازما، بالإضافة إلى إجراء فحص دوري بالمجان للمتبرع يشمل جميع الأمراض والفيروسات، للاطمئنان على حالته الصحية.
ومنعًا للخلط، هناك اختلاف كبير بين التبرع بالدم والتبرع ببلازما الدم. لكن، بشكل عام، لا تستغرق عملية نقل البلازما سوى بعض دقائق إضافية. ففي عملية التبرع بالدم، يتم سحب الدم من ذراع المريض وإرساله إلى المعمل. بعدها يتم فصله إلى مشتقاته الرئيسية: خلايا الدم الحمراء، والبلازما، والصفائح الدموية لنقله بطريقة منفصلة. لكن أثناء عملية التبرع بالبلازما، يتم سحب الدم من ذراع المتبرع، ويتم تدويره من خلال عملية ليتم إزالة جزء البلازما من الدم. ثم بعد ذلك، يتم إعادة خلايا الدم الحمراء والصفائح الدموية المتبقية إلى ذراع المتبرع بكميات قليلة من محلول ملحي وذلك بهدف الحفاظ على الحجم الكلي. ويُسمح للمتبرع ببلازما الدم التبرع بصورة أكثر مما يفعل أثناء عملية التبرع المنتظم بالدم. كما يمكن الحصول على البلازما لثلاثة مرضى من متبرع واحد بالبلازما.
لا شك أن اختيار إطلاق هذه المبادرة في هذا التوقيت جاء موفقًا؛ حيث تزامن مع توقف استيراد وتصنيع مشتقات البلازما بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد، مما استوجب ضرورة تحقيق الاكتفاء الذاتي وتصنيع مشتقات البلازما داخل مصر. ونحن في انتظار نجاح جديد يُضاف إلى قائمة الإنجازات المتتالية بالقطاع الطبي في مصر، نجاح يليق بجمهوريتنا الجديدة.