كتبه/ محمد أحمد شريف
لا ينضب معين المصريين أبدًا من الخيرات، ولم تتوقف مسيرة العطاء من أبناء الوطن، والنماذج المشرفة تظل الشعلة التي تضيء لنا دروب الحياة من وقت لآخر، ونلجأ إليها دومًا لتعضد هويتنا التي لا تتغير، حتى وإن تغير الزمن، ومنذ فجر التاريخ وحتى اليوم، يظل المُعلم، هو التاج الموضوع على رؤوس الأشهاد، في أي مجال، وهذا ينطبق على هويدا عبد القادر”، معلمة علوم، بإحدى المدارس الابتدائية مركز بلقاس التابع لمحافظة الدقهلية نموذج متميز من المعلمات الشابات المصريات اللاتي نفخر به دائمًا بعطائهن المستمر. هويدا شابة متميزة وزوجة وأم لطفلين، كانت ومازالت تسعى للحفاظ على تميزها وتألقها المهني منذ لحظة تخرجها من خلال التنمية الذاتية والمهنية سواء في مجال تخصصها أو في مهاراتها المختلفة.
إلى قاهرة المعز لتبدأ الرحلة
استقلت القطار، إلى قاهرة المعز، حيث التحقت “هويدا” بالدفعة الثالثة من البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة في عام 2018، والذي كان لزوجها وأسرتها العامل الكبير في دعمها وتشجيعها للالتحاق بالبرنامج، حيث كانت البداية مرهقة لها مع استقبال طفل جديد في نفس توقيت التحاقها بالبرنامج الرئاسي، إلا أن إصرارها وتشوقها للعلم والمعرفة كانا دافعًا قويًا لاستكمال تجربتها المليئة بالخبرات الثرية، فقد شاركت في تنظيم العديد المؤتمرات الوطنية التي تقام تحت رعاية السيد رئيس الجمهورية.
وبعد الانتهاء من فترة التدريب الخاصة بالبرنامج الرئاسي، عادت إلى وظيفتها كمعلمة متألقة ومتميزة كعادتها لتؤدي دورها متسلحة بما اكتسبته من عمق التجربة والمهارات والخبرات والرؤى جديدة، لقد ازداد ايمانها بقدرة المعلم المصري علي تحدي وتجاوز كل الصعاب من أجل إخراج جيل قادر علي المنافسة عالميًا، وكان اصرارها واضحًا على العطاء بحب لكل طلابها، فامتدت علاقاتها بطلابها إلى إلى سنوات طويلة بعد تخرجهم، ومازالت تقدم كافة أنواع الدعم لهم، مؤكدةً أنها قدوة يحتذى بها كمعلم.
هذا النموذج المكافح المشرف، نموذج متكرر بين صفوف معلمي مصر قلب عملية بناء الإنسان المصري، ولذلك تضع الدولة المعلم المصري في قلب العملية التعليمية، باعتباره العمود الفقري لمنظومة التعليم قبل الجامعي والركن الأعظم فيها، فهو المربي والموجه تعليميًا وتربويًا الذي يضع النبتة الأولى لأبناء هذا الوطن حتى يصبحوا أعمدة المستقبل له.
اهتمام الدولة بمعلمي مصر
رغم المعاناة القديمة للمعلمين، لكن في ظل توجه الجمهورية الجديدة، وتحسين الحياة اليومية لبعض الفئات، وأهمها قطاع التعليم، الذي أولته القيادة السياسية أولوية كبرى لتطوير نظام التعليم بكل عناصره من تلاميذ ومعلمين ومناهج وأبنية تعليمية، وهو ما أكد عليه السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي – رئيس الجمهورية في جلسة (استراتيجية بناء الإنسان المصري) بمؤتمر الشباب الوطني السادس بجامعة القاهرة حيث قال أن التحدي الموجود وهو بناء الإنسان، هو تحدي للإنسانية كلها، وهو تحد تصدى له فقط ربنا سبحانه وتعالى والأنبياء، لأن صياغة الإنسان وبناءه بقيم راقية كانت رسالة الرسالات.
وهو ما تبلور إلى أجندة عمل مُتعددة الأطراف والمحاور وصفها د. طارق شوقي – وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، موضحاً أن الجميع يعمل ليلاً ونهارًا على محاور متعددة وبدعم كبير من الدولة المصرية وكل مؤسساتها، للإسهام في بناء الإنسان المصري مؤكداً على أن المعلم هو أساس نجاح منظومة التعليم الجديدة، لذلك تم تطوير خطة تدريب للمعلمين على المناهج الجديدة.
وفي ذات السياق أكدت ريهام دياب – عضو المكتب الفني لوزير التربية والتعليم وخريجة الدفعة الأولى من البرنامج الرئاسي – على أن المعلم يأتي ضمن أولى أولويات رؤية مصر 2030، فهو حجر الأساس في المنظومة التعليمية والتي لا تنهض بدون تحسين وضع المعلم وتهيئة بيئة عمله.
جهود الدولة في تطعيم العاملين بالقطاع التعليمي
وفي ضوء حرص القيادة السياسية على صحة العاملين في قطاع التعليم قبل الجامعي ومع اقتراب بداية العام الدراسي الجديد، عملت الوزارة بالتنسيق مع وزارة الصحة والسكان على تطعيم كافة العاملين بالوزارة من معلمين وإداريين في مواعيد محددة حتى يتنسى بدء عام دراسي آمن للجميع.
وفي هذا الإطار أوضح الوزير، بأن عدد من سجل لتلقي اللقاحات من المعلمين والإداريين يقدر بنسبة 95% من العدد المستهدف بإجمالي ١٦٠٥٨٦١ معلم وإداري خلال أسبوعين فقط من بدء إعلان تطعيم العاملين بالحقل التعليمي.
ومن الإجراءات الجادة التي اتخذتها الدولة المصرية لدعم المعلم ما يلي:
· اعلان مسابقة 30 ألف معلم عام 2015:
إعلان السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي عن مسابقة عامة على مستوى محافظات الجمهورية للاستعانة بمعلمين جدد والذي عددهم 30 ألف معلم، وفي ذات السياق أوضحت هند جلال – معلمة لغة انجليزية وخريجة الدفعة الثانية من البرنامج الرئاسي ” قد أعلن السيد الرئيس عن مسابقة تعيين لعدد 30 ألف معلم، والتي كانت بمثابة محاولة جادة من القيادة السياسية لسد العجز الصارخ من المعلمين في محافظات مصر المختلفة”.
وقد حاولت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني من هذا الإعلان المساهمة في تحسين نتائج ملف “محو الأمية” حيث ألزمت المعلمين المقبولين بالمسابقة بمحو أمية عشرة مواطنين كأحد مسوغات تعيين المقبولين ضمن المسابقة بهدف خفض نسبة الأمية بجمهورية مصر العربية.
· إصدار القرارات الوزارية لتحقق الرضا والأمان الوظيفي للمعلمين
كما أصدرت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني حزمة من القرارات الوزارية لتحقيق الاستقرار والرضا الوظيفي للمعلمين ومنها قرار وزير التربية والتعليم والتعليم الفني رقم (40) لسنة 2020 بشأن إعادة تعيين العاملين بالمدارس، والإدارات، والمديريات التعليمية من الحاصلين على مؤهل عالٍ أثناء الخدمة والقرار الوزاري (41) لسنة 2020 بشأن ضوابط نقل شاغلي وظائف المعلمين وكل ما يعادلها من وظائف إلى التخصصات والمواد الأخرى والوظائف والمراحل التعليمية المختلفة.
· زيادة مكافآت المعلمين
جاءت هذه الزيادة كإحدى هدايا السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي للمعلمين بعد أن صدق على إصدار القانون رقم 212 لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 139 لسنة 1981 والقانون رقم 103 لسنة 1961.
كما اتخذت الوزارة اجراءات صرف حافز معلمي وموجهي صفوف رياض الأطفال والأول والثاني الابتدائي بحد أقصى 1000 جنيه شهريا، وهي الرسالة التي أكد عليها د. رضا حجازي، نائب وزير التعليم لشؤون المعلمين “ولعل ذلك كان رسالة بالغة الإيجابية تعكس إصرار الرئيس والحكومة على تحقيق الرضا الوظيفي لأعضاء هيئات التدريس بالمدارس وان المكتسبات التي تحققت للمعلمين خلال فترة حكم الرئيس السيسي، شاهدة بكل وضوح على أن نظرته للمعلمين استثنائية”.
· تقديم حزمة من التدريبات لرفع كفاءة المعلمين
كما تبنت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني خطة للتنمية المهنية المستدامة للمعلمين بهدف الارتقاء بالمستوى الفني والمهاري للمعلمين من خلال تقديم العديد من التدريبات المهنية والفنية إليهم، منها إطلاق منصة رقمية تدريبية على الموقع الإلكتروني للأكاديمية المهنية للمعلمين.
· تغليظ العقوبات في حالة الاعتداء على المعلمين
كما تقدمت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني بمشروع قانون لإضافة مادة جديدة برقم (241 مكرر) الي مواد القانون رقم (58) لسنة 1937 وذلك لتشديد العقوبات على كل من تعدي بالإيذاء البدني على أحد أعضاء هيئة التدريس أثناء عمله أو بسببه.
وفي النهاية وبالرغم من كافة الخطوات الجادة التي تتخذها الدولة لدعم المعلمين، من المؤكد أنه لا يزال أمامنا الكثير لننجزه فيما يخص تحسين أحوال المعلمين، والتنمية المهنية لهم، والاهتمام بالنماذج المميزة والمكافحة من المعلمين، ورفع كفاءة نظم التدريب خاصة فيما يتعلق بالتكنولوجيا الرقمية لاسيما في ظل الاتجاه نحو التحول الرقمي؛ لبناء قدرات المعلمين بما يضمن تحسين المخرجات التعليمية في إطار استراتيجية بناء الإنسان المصري.