بقلم: هند جلال البصراتي
حينما أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي مصطلح «الجمهورية الجديدة»، ذهب تفكير الكثيرون إلى البنى التحتية والمباني والطرق والمنشآت الجديدة. ولكن الأمر لا يتعلق فقط بذلك، بل يمتد للإنسان وتنميته وحقوقه، ويعتبر المشروع القومي لتطوير الريف المصري «حياة كريمة» أحد الأعمدة الرئيسية لبناء الجمهورية الجديدة؛ حيث يمتد المشروع بالتنمية إلى قرى وعزب وتوابع لم تصلها يد التطوير من قبل، لتنتقل بها إلى قلب اهتمام الدولة.
حياة كريمة وبداية العام الدراسي
وفي غضون ذلك، لا يمكن إهمال أو إغفال الأثر الاجتماعي الملحوظ لمشروعات حياة كريمة، خاصة مع اقتراب بداية عام دراسي جديد، عام دراسي مختلف رسمت مبادرة حياة كريمة معالمه في الجمهورية الجديدة، فالجمهورية الجديدة صانعة أثر وليست رد فعل له؛ فالحديث عن حياة كريمة في ظل الجمهورية الجديدة هو حلم مدعوم بالإرادة السياسية التي تسارع الزمن وتسابقه لتحقيق هذا الحلم.
يستفيد من مشروع تطوير الريف المصري عدد 1413 قرية في 52 مركز على مستوي 20 محافظة ضمن المرحلة الأولي من تنفيذ المشروع. وكان الاستثمار في العنصر البشري على رأس أولويات المبادرة، لذلك قامت فرق عمل مؤسسة حياة كريمة ومنسقوها بعقد لقاءات جماهيرية ومجتمعية استمعت فيها لمتطلبات جميع الفئات: المرأة والأطفال والشباب والشيوخ. وعلى أساس ذلك، تم وضع خطط العمل بالمبادرة وتحديد الأولويات، ولعل من أبرز المتطلبات التي تلقتها المبادرة بمحافظة القليوبية وتم بحثها، هي مطالب خاصة بالمدارس ونوعية التعليم المقدم. فمنذ عام، بدأ أعضاء مؤسسة «حياة كريمة» الاستماع لشكاوى الطلاب والأهالي، ورصدوا يعض الظواهر مثل التسرب الاضطراري من التعليم بسبب المسافات، أو طموح الفتيات في خوض رحلة التعليم الثانوي العام والتي كان يمنعهن منها عدم وجود مدرسة ثانوية بقراهن أو بالقرى المجاورة.
هذا المشهد الذي تم سرده منذ عام واحد، تغير تمامًا الآن ونحن على أعتاب عام دراسي جديد؛ حيث تبنت حياة كريمة وحملت على عاتقها تغيير الواقع غير المرضي، فأحدثت أثرًا اجتماعيًّا ملحوظًا. فقد تنوع التداول في المحافظات العشرين لهذا الملف بين رفع كفاءة مدارس، وإحلال جزئي لأخرى، وإحلال كلي لبعضها، وإنشاء جديد للآخر.
المشروعات التعليمية لحياة كريمة بالقليوبية نموذجًا
يمكن سرد بعض الحقائق لمقارنة العام الدراسي الماضي بالعام الدراسي الحالي في قرى حياة كريمة بالقليوبية كنموذج؛ حيث تشهد مراكز المحافظة، التي دخلتها «حياة كريمة»، في الوقت الحالي إنشاءات جديدة ورفع كفاءات وإحلال كلي وجزئي بعدد يقارب 75 مدرسة. ومن أبرز الأمثلة على ذلك، إنشاء مدرسة «زاوية الشيخ سند الابتدائية» بتكلفة تقديرية 6.6 مليون جنيه. كما تم الانتهاء من إنشاء «مدرسة منية شبين الابتدائي»؛ حيث بلغت تكلفة إنشائها حوالي 5.2 مليون جنيه، وكذلك إنشاء مدرسة «عبد الرحمن عويس الابتدائية» بقرية منشأة الكرام بتكلفة تقديرية 4.7 مليون جنيه.
واستجابة لمطالب الفتيات الطامحات لخوض رحلة الثانوية العامة، الأمر الذي يمكنهن في النهاية من تحقيق أحلامهن وأحلام أهل قراهن وأحلام الوطن، تم إنشاء مدرسة «العوام الثانوية المشتركة»؛ لتخدم جميع قرى الوحدة المحلية بطحانوب والتوابع والعزب المحيطة، بتكلفة تقديرية 11.3 مليون جنيه، وجاري إعداد اللمسات النهائية لتدخل الخدمة بالعام الدراسي الجديد.
من ناحية أخري، جاري إنشاء مدارس تعليم أساسي إضافية؛ مثل مدرسة «كفر طحا للتعليم الأساسي» بتكلفة تقديرية 7.8 مليون جنيه، ومدرسة «فاطمة شديد» بتكلفة تقديرية 6.2 مليون جنيه، ومدرسة «طحانوب الإعدادية الجديدة» بتكلفة حوالي 6.1 مليون جنيه، بالإضافة لمدرسة «الزهويين الجديدة» بتكلفة 4.4 مليون جنية، ومدرسة «عرب صبيح» للتعليم الأساسي بتكلفة تقديرية 4.51 مليون جنيه. واستجابة للحوارات المجتمعية مع الأهالي بالقري المختلفة بإنشاء مدارس تجريبية رسمية لغات، جاري إنشاء مدرسة «نوى التجريبية» بتكلفة حوالي 7.26 مليون جنيه، وكذلك مدرسة «الجعافرة الرسمية لغات» بتكلفة تقديرية 6.98 مليون جنيه، وجاري تسليم هذه المدارس لتأهيلها للعام الدراسي الجديد.
ما بين ما تم الانتهاء منه وما هو جاري العمل فيه، تكمن أحلام ملايين المصريين ومستقبلهم. إن ما تم تسليمه لدخول العام الدراسي الجديد بفكر جديد، فكر الجمهورية الجديدة وحياة كريمة، سيُحدث نقلة نوعية بالريف المصري. وما جاري العمل فيه ليبدأ به العام الدراسي الجديد، هو أمل طلاب وأهالي، حلم يتحقق. وكلها نبتات وضعتها «حياة كريمة» في أيدٍ أمينة، تسلمهم أحلامهم ككيانات تباعًا. فعلي الأقل، أصبح أهالي الريف الآن موقنين بأنهم بقائمة أولويات الدولة، مما يجعلهم شركاء يساهمون ولو بمطالبهم وأفكارهم نحو تحقيق «حياة كريمة».
وختامًا، فإنه عند المقارنة بين العام الجديد والعام الماضي، نجد أنها مقارنة بين أرض صحراوية غُرست فيها نبتة الحياة الكريمة لتدب فيها روح الحياة مرة أخرى، وتجدد دماءها من خلال إنشاء جديد وإحلال كلي وجزئي وتطوير ورفع كفاءة، يكمن التغيير في جوهرها ونطمح بها لبناء الإنسان المصري وإعلاء مصلحته والتمسك بتقديم كافة حقوقه. وستعكس الأيام القليلة القادمة الأثر الاجتماعي للمشروعات التعليمية الجديدة، الملونة بروح العمل الجماعي وجهود شركاء المشروع القومي لتطوير الريف المصري «حياة كريمة»؛ حيث تحرص الحكومة على رصد وتقييم أثر «حياة كريمة» وآليات نجاح المشروع في تغيير شكل حياة المصريين وما تحتاجه من خطط لاستكمال مشروعات التنمية.