تحقيق: هبه الله حسان
مازال الريف المصرى يضرب مثالًا في العطاء، فمنذ أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية مبادرة حياة كريمة وأشار إلى أهمية توحيد جهود كلا من الحكومة والمجتمع المدنى، تعددت أوجه المشاركة والرغبة في التطوع وتقديم يد المساعدة. ففي مركزي الصف وأطفيح بالجيزة عانت القرى من عدم توافر الخدمات الأساسية كالصرف الصحي ومياه الشرب والكهرباء والغاز والاتصالات، وكذلك عدم توافر الخدمات الحكومية والزراعية داخل القرى مما يتيح للمواطنين التعامل واستكمال خدماتهم دون الحاجة إلى قطع مسافات طويلة.
ومن هنا أعلنت المبادرة عن دخول الخدمات الرئيسية بشكل عام حتى نهاية الكتلة السكنية وبناء مجمعات للخدمات الحكومية والزراعية المتطورة داخل القرى، إلا أن ذلك يستلزم العديد من الأراضي اللازمة لتنفيذ هذه المشروعات، وقد تجاوز المشروع هذه العقبة بفضل تسابق عديد من أهالي القرى للتبرع بالأراضي بعدما لمسوا بأنفسهم جدية المشروعات المقدمة لخدمتهم.
المتبرعين بالأراضي: قدمنا الأرض لتحقيق المنفعة العامة
يعد توفير الأراضي لإنشاء هذا العدد غير المسبوق من المشروعات أولى التحديات، وهنا أظهر أهالي القرى نموذجًا في التعاون وتوحيد الجهود وبذل الغالي والنفيس لإتمام إنشاء تلك المشروعات، خاصة في ظل الكثافة السكانية وعدم الانتظام العمراني في مركزى المبادرة في محافظة الجيزة و اللذان تم اختيارهما للتطوير، ولكن فاقت الحماسة التوقعات بأن قامت العائلات معا بالبحث يدًا بيد مع مؤسسات الدولة المعنية لإيجاد تلك الأراضي أو المشاركة المجتمعية في شراء قطعة أرض ثم التبرع بها لصالح المشروع.
ولمزيد من الاستيضاح حول رؤية المتبرعين وأحلامهم وأسباب الإقبال المحمود على تقديم الأراضي، حاورت مجلة “مجتمعنا” عددًا من المتبرعين والمسئولين التنفيذيين في الوحدات المحلية بالقرى ومحافظة الجيزة:
المتبرع محمد رشاد: قدمنا أرض بمساحة 2000 م2 لتوفير تعليم أكثر أمانا لبناتنا
أعرب محمد رشاد المتبرع بقطعة أرض بمساحة 2000 م2 لإنشاء مدرسة بقرية منيل السلطان عن تقديره وثقته الكبيرة في المبادرة، ورغبته في رؤية قريته والقرى المجاورة في أفضل حال. وأشاد رشاد بالخطة التنموية للقيادة السياسية، والتى وصلت للبيوت المخطط ترميمها وتوصيل الخدمات الأساسية من صرف ومياه شرب وكهرباء وخدمات صحية وتعليمية وتنمية حقيقية في الريف والصعيد المصري.فطالما تم إقرار موازنات غير كافية للتطوير تؤدى في النهاية إلى عدم وصول الناتج للمواطن، أما المبادرة الحالية فتصل إلى المواطن في بيته.
وأفاد رشاد بأن قريته منيل السلطان بها مدارس تعليم أساسي ولا يوجد بها مدارس للتعليم الثانوى، ويضطر الطلاب إلى التوجه لقرى مجاورة لاستكمال الدراسة الثانوية ما يشكل صعوبة، خاصة على الفتيات. وأضاف رشاد: “لم يكن توجهي لإنشاء مسجد في المساجد متعددة ولكن المدرسة الثانوية تخدم أهالي القرية، خاصة الفتيات بدلا من الاضطرار إلى الذهاب إلى قرية صول كأقرب قرية بها مدرسة ثانوية مما يمثل تعليم أكثر أمانا “.
يتشاركون لشراء الأراضي ليتبرعوا بها لصالح حياة كريمة
قدم المواطنون من أهالي قرية المنشي مركز الصف قطعة أرض بمساحة 977 م2 لإنشاء محطة رفع صرف صحي، فطالما حلم الأهالي بدخول الخدمات قريتهم، وعلى رأسها الصرف الصحي للقرية، ودفعت الرغبة الحقيقة لأهالي القرية بشراء الأراضي و التبرع بها لصالح حياة كريمة، وهكذا يقوم العمل على قدم وساق لصنع التغيير، من خلال التعاون الناتج عن الثقة في وجود رغبة حقيقية في التطوير لدى القيادة السياسية.
التبرع ليس فقط لبناء دور العبادة ولكن لتيسير حياة الإنسان
أشار المتبرعون إلى أن من الوعي أن نقدم ما تيسر حياة الإنسان، وإنشاء وحدات صحية ومدارس وفصول يأتى بالخير على قرى الريف ويدفعها للأمام. وهناك العديد من المتبرعين الذين سنفرد لهم موضوعات في الأعداد القادمة رشاد حسن خليل المتبرع بمساحة 1200م لإنشاء مدرسة تعليم أساسي، وطارق عبد العظيم سليمان بمساحة 1100م لإنشاء مدرسة تعليم أساسي بمنشأة سليمان، ومصطفى محمد منصور المتبرع بمساحة 700 م لإنشاء وحدة صحية بالحلف الغربى.
القيادات التنفيذية…تجاوزنا صعوبة توفير الأراضي ونخطط مستقبلا
ذكر إبراهيم الشهابي نائب محافظ الجيزة للمراكز والمدن بأن المحافظة قامت بتوفير ما يزيد عن 100 قطعة أرض بقرى المبادرة، بما يلبي احتياجات القرى من بنية تحتية وخدمات أساسية، متغلبين على عقبات مثل الكثافة السكانية العالية والطبيعة الاجتماعية ووجود تعديات على الأراضي.
وأضافت هند عبد الحليم نائب محافظ الجيزة للتنمية المجتمعية والبيئة أن التنسيق مع مؤسسات المجتمع المدنى وتوحيد جهودها يأتى على رأس أولويات الأعمال لتنفيذ مشروعات مبادرة حياة كريمة.
ومن هنا تميزت مبادرة حياة كريمة بتحقيق آمال قرى الريف المصرى المنتظرة منذ سنوات، عبر إرادة سياسية حقيقية مودعة عهود من البيروقراطية، بوضع حجر الأساس لمبادئ وقيم هي حق أصيل لكل مواطن مصري، بل لكل إنسان على وجه الأرض. فمصر تسير بخطى ثابتة لتوفير الحياة الكريمة لكل مصري