بقلم: د. جمال عبد الحميد
بعد زيادة حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد عالميًّا، بدأ الباحثون في المجال الصحي يلاحظون ظهور أعراض القلق الاجتماعي وملامح وجود بعد التصرفات غير المبررة بسبب الخوف من الإصابة مجددًا بفيروس كورونا المستجد. وقد تم ملاحظة وجود ضغوط نفسية إضافية؛ حيث زاد حرصهم على نظافة المتعلقات الشخصية ونظافة الأدوات التي يستخدموها. ويصاحب هذا شعور بالإحباط والقلق من عدم تحقيق تقدم في حياتهم العملية والخوف من استمرار الوضع هكذا لسنوات طويلة حتى تعود الحياة طبيعية كما كانت عليه.
قد تعتبر حدوث اضطرابات نفسية للمتعافين من الإصابة بفيروس كورونا المستجد من أهم الظواهر الصحية التي تقلق المجتمعات في الفترة الراهنة؛ حيث أكدت الدراسات الحديثة وجود عديد من المشاكل النفسية على المدى الطويل تظهر بعد الإصابة بفيروس كورونا المستجد، قد لا تحدث بصفة عامة مع غالبية المرضى المصابين أو المتعافين بفيروس كورونا، ولكنها لا تزال قيد البحث.
ومما لا شك فيه أن المعلومات حول الحالة النفسية للمرضى بعد الشفاء قليلة في الوقت الحالي؛ نتيجة عدم وجود أبحاث عديدة تناولت هذا الموضوع في الوقت الراهن. لذلك لم تقدم معظم الدراسات أي بيانات أو إحصائيات دقيقة حول التأثير النفسي لفيروس كورونا على المدى الطويل. ومن جانب آخر توصلت بعض الدراسات التي أجريت أنه يجب على الأطباء أن يكونوا على معرفة تامة باحتمالية حدوث اكتئاب وقلق وتعب، وحدوث بعض أعراض من الأمراض النفسية على المدى الطويل.
وقد توصل الباحثون أن ثلث من تعافوا من الإصابة بفيروس كورونا المستجد، ممن شملتهم بعض الدراسات، أنهم قد عانوا بعد إتمام شفائهم من اضطرابات نفسية مما يثير بعض المخاوف، ويعكس القلق لحدوث آثار سلبية التي يسببها فيروس كورونا حتى بعد إتمام الشفاء منه والعودة الى الحياة الطبيعية.
وقد أوضح العلماء أن واحدًا من كل ثلاثة ممن تعافوا من فيروس كورونا المستجد، قد عانوا من حدوث بعض الاضطرابات النفسية في خلال 6 أشهر، مما يشير إلى أن الجائحة قد تؤدي إلى حدوث موجات من المشاكل النفسية والعصبية قد تظهر على المدى الطويل.
ولم تصل الأبحاث التي أجريت إلى كيفية ارتباط الفيروس بالمشكلات النفسية؛ مثل حدوث قلق واكتئاب، والتي تعتبر من أكثر الأعراض انتشارًا. وقد أضافوا أن إصابة المتعافين بحالات السكتة الدماغية وغيرها من الاضطرابات العصبية أكثر ندرة في مرحلة بعد الشفاء من الإصابة بفيروس كورونا المستجد.
وقد ازداد قلق الباحثين من احتمالية وجود مخاطر لاضطرابات الدماغ والحالة النفسية بين المتعافين من فيروس كورونا المستجد؛ حيث أن هناك دراسات سابقة أوضحت إصابة ما يقرب من 20٪ من المتعافين من الإصابة بفيروس كورونا المستجد قد أصيبوا باضطرابات نفسية وعصبية خلال 3 أشهر بعد التعافي من فيروس كورونا المستجد.
وقد أضاف الباحثين أنه على الرغم من أن حدوث مشاكل نفسية فردية لمعظم الاضطرابات كانت محدودة؛ فإن التأثيرات بالنسبة للمجتمع ككل قد تكون كبيرة. وقد بلغت نسبة الإصابة بالقلق والتوتر ممن تعافوا من الإصابة بفيروس كورونا حوالي 17٪. على الجانب الآخر، بلغت نسبة الإصابة ممن عانوا من حدوث اضطرابات مزاجية حوالي 15٪ مما يجعلهم من أكثر الاضطرابات النفسية حدوثًا في مرحلة ما بعد الإصابة بفيروس كورونا المستجد. كما أنه لم يتم تسجيل أي ارتباط بمدى قوة الإصابة أو ضعفها.
وبذلك نرى أن هذا الوضع الحالي يفرض مجموعة غير مسبوقة من التحديات على نوعية الأشخاص الذين لا يستطيعون التعامل مع المستقبل المجهول، وملاحظة عجزهم عن تحمل المواقف اليومية التي قد تخرج عن سيطرتهم، وهذه التحديات قد تصاحبهم لفترة طويلة.