بقلم: د.م. أسماء محمد المغربي
مهندس أول بقطاع التفتيش والجودة
سيظل أبناء جيل أكتوبر واضعين سيناء في قلوبهم وعقولهم؛ فيبحثون في التكنولوجيا الحديثة عما قد يساعد في مسيرة التنمية لسيناء. ولعل أحد أفرع التكنوِلوجيا الحديثة، كنظام المعلومات الجغرافي (GIS: Geographic Information Systems) والطائرات المسيرة (Drones)، يذلل تحديات التنمية الاقتصادية في شبه جزيرة سيناء؛ فهي «عين حورس» من الأقمار الصناعية أو من كاميرات الطائرات المسيرة التي تحمي أرض الفيروز وترعاها.
قد تعاني أرض الفيروز من تحديين؛ أولهما، الحاجة لبنية تحتية وقامت الدولة وتقوم بضخ عديد من مليارات الجنيهات باستمرار خلال السنوات الستة الماضية لتمهيد الأرض لاستيعاب المخطط التنموي، شاملاً أنفاقًا وطرقًا ومناطق صناعية جديدة. أما التحدى الثانى؛ فهو الأمان والسلامة للأشخاص والمواقع الخدمية والصناعية والمخطط لها التواجد على تلك المساحة الشاسعة، خاصة مدينة «سلام مصر» المتوقع إنشائها.
ولعل تكنولوجيا نظم المعلومات الجغرافية (GIS) وهو نظام كمبيوتر يستخدم صورًا للأقمار الصناعية عالية الدقة لالتقاط وتخزين وعرض البيانات المتعلقة بالمواقع على سطح الأرض. أداة محورية لإدارة الموارد والتخطيط للتنمية من مبانٍ سكنية، وصناعات، وخدمات، زراعات ومراكز تسوق.
وتتميز سيناء بثلاث أقاليم أوجدها الخالق بشكل هندسي بديع على مساحة تقدَّر بحوالي 60000 كم2، لنجد فيها سهول فسيحة في الشمال، وهضاب مستوية في الوسط، وسلاسل جبال شامخة في الجنوب وبنفس التوازي تتنوع مصادر المياه؛ فهي مطرية في الشمال، جوفية في الوسط وسيول جارفة على جبال الجنوب. كما تتعدد نعم الله فى أراضى سيناء من مخزون من النفط والمعادن والمياه الجوفية. تزرع مرتفعاتها ويتم تسويق شواطئها للخدمات السياحية.
وتأتي نظم المعلومات الجغرافية (GIS) لتلعب دورًا محوريًّا في تجميع البيانات المكانية الفريدة بسيناء، والاستناد عليها لإدارة الموارد ووضع الخطط لتوزيع الخدمات والصناعات بطريقة مناسبة مع عدد السكان وطبيعة كل منطقة. كما يستخدم لتنبؤات الطقس الدقيقة لمختلف المقاييس المكانية والزمانية، وهناك حاجة ماسة لاستخدامه لاختلاف الطقس بين الثلاث أقاليم بسيناء، وبالأخص الجزء الجنوبي الذي يتضرر من السيول، وذلك من خلال منظومة الاستشعار عن بعد وتكاملها مع منظومة (GIS).
ولمجابهة تحدي تأمين شبة جزيرة سيناء؛ فتأتي الطائرات المسيرة (Drones) بتكنولوجيا التحكم والتصوير والاستشعار عن بعد. وهي تعتبر من ضمن التكتيكات العسكرية الجديدة التى تستخدم طائرات بدون طيار وبرمجتها على مسار معين وتوجهها لأماكن الاستطلاع والتحكم للسيطرة على الأراضى الشاسعة بسيناء، وذلك بواسطة إمكانية التمشيط التصويري أو الحراري لأي منطقة وتحديد الأهداف وجمع البيانات بدقة عالية وإرسالها لسرعة التدخل لإدارة أي أزمة وتوفير حلول سريعة.
مما لا شك فيه أن المراقبة الجوية عنصر حاسم من عناصر تنمية أرض الفيروز لتوفير السلامة والأمن للأشخاص والمواقع ولتحقيق غرض الرصد وجمع المعلومات عن الموارد المتاحة من بحيرات، مياه جوفية، بترول، معادن وغيرها من خيرات لتخطيط مستدام واستثمارات تجلب الخير للشعب المصرى.
وجدير بالذكر أن الدولة المصرية قد أنشأت المركز الوطني للبنية المعلوماتية المكانية وبأواخر 2020 باستخدام تكنولوجيا (GIS). وصرحت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية: “أن المركز ساهم في توفير حوالي 1.8 مليار جنيه؛ حيث ساعد الدولة في تقنين أوضاع عديد من المخالفات على أراضي الدولة. كما يعد المركز نتاجًا للأهداف الاستراتيجية لمشروع «تكامل البنية المعلوماتية المكانية لمنظومة التخطيط المصرية»، الذي يتم تنفيذه بين وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية ووزارة الدفاع ممثلة في إدارة المساحة العسكرية بالهيئة الهندسية».
وفي سباق صناعة الطائرات المسيرة يحاول الجيش المصرى الدخول في سباق دولاً تصنع وتطور الطائرات المسيرة؛ مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، والصين، الإمارات، وتركيا؛ حيث تعتبر من أخطر الأسلحة التى تستخدم من قبل الجيوش الآن، وعلى صعيد آخر تطور الدول الأنظمة الدفاعية للحماية من أخطار الطائرات المسيرة على أمن الدول.
كل هذا يجعل التشجيع للبحث العلمي في تكنولوجيا نظم المعلومات الجغرافية والطائرات المسيرة والاستثمار في صناعتهما ضرورة ملحة للحفاظ على مستوى التنمية المستدامة ودحر المطامع والتعديات على أرضنا، خاصة سيناء لتظل دائمًا أرض الفيروز أرض سلام وخير للشعب المصري.