بقلم: د. عمرو سكر
تساهم الشركات الصغيرة والمتوسطة (SMEs) بدورها كثيرًا في الاقتصاد العالمي. وبناءً على تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، يندرج نحو 99٪ من الشركات في الاتحاد الأوروبي تحت مسمى الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، وأن هذه الشركات توفر ما يقرب من 55٪ من فرص العمل في القطاع الخاص. وعلى عكس الشركات والمؤسسات الكبيرة، تتمتع الشركات الصغيرة والمتوسطة بقدرة كبيرة على سرعة التكيُّف بما يجعلها أقل تأثرًا بالأزمة الاقتصادية. فهي تتسم بالمرونة ويمكنها التعامل مع الظروف الصعبة. كما أنها تعد مصدر إلهام للابتكار، خاصة في البلدان الناشئة والنامية.
وكما ذكر البنك الدولي، تساهم الشركات الصغيرة والمتوسطة الرسمية بنسبة تصل إلى 60٪ من إجمالي العمالة، وما يصل إلى 40٪ من الدخل القومي في الاقتصادات النامية. علاوة على ذلك، يقدر البنك الدولي أيضًا أنه خلال السنوات الخمسة عشرة القادمة، سيتم توفير 4 من أصل 5 وظائف، من قبَل الشركات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصادات الناشئة والبلدان النامية، لا سيما في آسيا وإفريقيا. لذا، في الوقت الحاضر تشرع الدولة المصرية نحو إعداد وتفعيل برامج مختلفة من شأنها تقوية الشركات الصغيرة والمتوسطة ودعم مستقبلها.
لكن رغم ذلك، فإن الوضع المالي للشركات الصغيرة والمتوسطة غالبًا ما يكون نقطة ضعفها الرئيسية. وعادة ما تعمل هذه الشركات بميزانية منخفضة، وهذا هو السبب في أنها ستواجه دائمًا عقبات في الحصول على رأس المال للتشغيل والنمو. وكما أفادت شركة الاستشارات العالمية دالبيرج (Dalberg)، فإن تأثير الشركات الصغيرة والمتوسطة على معدل نمو القطاع الخاص غالبًا ما يكون منخفضًا للغاية؛ حيث يتباطأ نمو مثل هذه الشركات في الاقتصادات النامية غالبًا بسبب صعوبة الحصول على رأس المال المالي. علاوة على ذلك، لا تلبي الأنظمة المالية المحلية احتياجات الشركات الصغيرة والمتوسطة.
ومن ثم، شرعت الدولة المصرية ببدء وإطلاق مبادرات مختلفة هدفها وضع سياسات لحل المشاكل الرئيسية، مثل مشكلة التمويل، التي تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة. فعلى سبيل المثال، منتديات New Ventures Investor التي تشارك فيها منتديات أخرى تجمع بين اللجان المالية والتجارية لتقديم الدعم للشركات الصغيرة والمتوسطة. هذا بالإضافة إلى خطط عمل تقدمها الدولة لدعم هذه الشركات تضمنت الجوانب المالية؛ مثل المنتديات والبرامج التي تشمل القروض الميسرة والخدمات المصرفية. وعلى مستوٍ آخر، تسعى الدولة إلى تقديم حلول غير مالية أخرى، مثل تقديم التدريب أصحاب ومديري الشركات الصغيرة والمتوسطة على مبادئ التوجيه والإدارة.
ومن ناحية أخرى، تحتاج الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى دعمها من حيث جوانب التسويق، والبحث والتطوير (R & D)، والتكنولوجيا، وإدارة الموارد البشرية (HR)، وما إلى ذلك، من أجل ضمان استمراريتها. كما أنها تواجه ضغوطًا أخرى، خاصة في مجال التصنيع بسبب العولمة. فلاتزال أغلب الشركات الصغيرة والمتوسطة في البلدان النامية تتبع نُهُجًا تقليدية لا تواكب الحداثة والتطور مما يتسبب في انخفاض الإنتاجية والجودة المحلية. ولذلك، يجب أن تدعم الدولة جوانب البحث والتطوير لدى تلك الشركات بهدف إكسابها ميزة تنافسية أمام المنافسين الأجانب. كما أن الاستعانة بأحدث التقنيات والآلات وتحقيق الاستفادة القصوى منها، سيكون له تأثير إيجابي على إنتاجية هذه الشركات.
علاوة ذلك، يحمل دعم حوكمة الشركات الصغيرة والمتوسطة في الدولة فرصًا ذات تأثير إيجابي مباشر على التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وينبغي أن يكون تقديم هذا الدعم مدرجًا على أجندة أولويات الدولة، شاملاً كافة الجوانب المطلوبة وجميع مراحل العمل. وفيما يلي، نقدم عددًا من التوصيات لتحقيق هذا الهدف:
- صياغة خطط عمل مرنة ومختلفة لتلبية احتياجات الشركات الصغيرة والمتوسطة على وجه التحديد، شاملة كافة مراحل التنفيذ: مرحلة البدء، ومرحلة التطوير، ومرحلة استمرارية الأعمال؛ لخفض احتمالية فشلها المبكر وضمان التطوير المستمر.
- تسهيل عملية الإقراض للشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال توفير سعر فائدة منخفض وإجراءات تقديم بسيطة ومتطلبات ضمان مرنة.
- توفير سبل تمويل أخرى للشركات الصغيرة والمتوسطة؛ مثل التأجير التمويلي، والمستثمرين والممولين برأس مال مخاطر، وما إلى ذلك.
- تطوير الأفكار المبتكرة وغير المألوفة بما يحقق فائدة للجانبين لتنمية الاقتصاد والشركات الصغيرة والمتوسطة. على سبيل المثال، إنشاء معالم للشركات الصغيرة والمتوسطة، وعندما تصل إليها تحصل المؤسسة على دعم من الحكومة. يمكن أن يكون هذا الدعم في شكل قرض بدون فائدة أو خدمة استشارية معفاة من الضرائب لفترة زمنية معينة، إلخ.
- تقديم خدمات استشارية للشركات الصغيرة والمتوسطة في جميع الجوانب؛ ليس فقط في الجانب المالي ولكن أيضًا في الجانب التكنولوجي، والموارد البشرية والهيكل التنظيمي، التخطيط ووضع الاستراتيجيات، إلخ.
- تطوير برامج لتقديم التوجيه والحلول للشركات الصغيرة والمتوسطة التي توشك على الفشل. على سبيل المثال، برامج الاندماج مع الشركات الصغيرة والمتوسطة الأخرى أو زيادة التدفق النقدي، إلخ.