د. أكرم مصطفى الزغبي – هبة الشرقاوي
يقصر البعض نظرته لحقوق الإنسان على الحقوق السياسية؛ وهذا اعتقاد خاطئ لأن صورتها أعم وأشمل؛ فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948، الذي يحدد حقوق الإنسان الأساسية التي يتعين حمايتها عالمياً، والعهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية، وللحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1976؛ تضعهم مصر نصب أعينها في تحقيقها لاستراتيجيتها للتنمية المستدامة 2030؛ فكانت “مبادرة حياة كريمة” التي تستهدف وضع الحقوق المحمية في هذه الصكوك الدولية موضع التطبيق. والتي تهدف للتدخل الآني والعاجل لتكريم الإنسان المصري وحفظ كرامته وحقه في العيش الكريم؛ من خلال تقديم حزمة متكاملة من الخدمات الصحية والاجتماعية والمعيشية، للفئات المجتمعية الأكثر احتياجاً للمساعدة.
وقد أشار أحد الصحفيين إلى أن ممارسات حقوق الإنسان في مصر تعاني من بعض التضييق في مؤتمر صحفي جمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه؛ فكان رد الرئيس المصري حاسما أن الفهم المصري لحقوق الإنسان ليس قاصراً على مباشرة الحقوق السياسية فقط؛ فهذه نظرة قاصرة ولكن لماذا لا تسألونا عن الحق في التعليم الجيد، والحق في الصحة.
وإذا نظرنا إلى المعايير الدولية الواردة في الصكوك الدولية سالفة الذكر نجد حياة كريمة وفقا لما استعرضه دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي في المؤتمر الأول لحياة كريمة أنها قد تمكنت من تحقيق:
الحق في الهوية
يحق للفرد التمتع بالشخصية القانونية وفقا للصكوك الدولية؛ فكانت مبادرة حياة كريمة مفعلة لهذا الحق بتوفيرها لعدد من المجمعات الخدمية الحكومية في كل وحدة محلية قروية؛ بلغ عددها 333 مجمعاً حكومياً، تحتوي على مكتب بريد، وشهر عقاري، وسجل مدني، ومكتب تموين، ووحدة محلية، ووحدة تضامن اجتماعي، ومجلس محلي، ومركز تكنولوجي لخدمة المواطنين. هنا تفند جهود حياة كريمة قول المشككين في أن أموال الدولة توجه إلى العاصمة الإدارية الجديدة فقط؛ فهاهي حياة كريمة تحقق ما نصت عليه الصكوك الدولية من المساواة بين المواطنين أمام القانون.
الحق في الصحة
يجب أن يتمتع كل إنسان بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه؛ لذا قامت حياة كريمة بتجهيز البنية الأساسية والعمرانية بكافة القرى المستهدفة لتعجيل تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل؛ وذلك من خلال خطة لتوفير الرعاية الصحية بكافة قرى المرحلة الأولى، والتي تحتوي على منظومة للخدمات الصحية المتكاملة؛ والتي اشتملت على 24 مستشفى؛ و1374 مركز ووحدة صحية، و398 نقطة إسعاف بالإضافة إلى 1000 سيارة إسعاف متنقل؛ وإطلاق 1000 قافلة علاجية؛ بالإضافة إلى 40 سيارة للقيام بعمل الأشعة المقطعية، و52 مركزاً لتنمية الأسرة.
الحق في التعليم
أكدت “الصكوك” على حق كل فرد في التربية والتعليم وصولاً للإنماء الكامل للشخصية الإنسانية والحس بكرامتها، إلا أن هذا الأمر يتطلب لممارسته جعل التعليم الابتدائي إلزاميا وإتاحته مجاناً للجميع، فأنشئت حياة كريمة 14000 فصل لإتاحة التعليم الأساسي وحل مشكلة الكثافات والفترات؛ وزيادة فصول التربية الخاصة واللغات والتعليم الفني بواقع 796 فصل، ورفع كفاءة 25% من المدارس القائمة بالفعل، وإنشاء 4000 فصل ذكي.
الحق في العمل
أقرت الصكوك الدولية الحق في العمل، وهذا ما فعلته حياة كريمة من خلال تنفيذ المجمعات الحرفية بواقع 333 مجمعاً حرفياً يراعي فيها المساحة الإجمالية للمجمع الحرفي في حدود فدان واحد، وأن يتوسط موقعه القرى المحيطة، وأن يكون قريباً من المحاور والطرق، فضلاً عن قربه من المرافق لسهولة توصيلها.
وأرست حياة كريمة مبادرة “مهنتك مستقبلك”، وأطلقت حياة كريمة منظومة تدريبية لبناء المهارات الرقمية لطلاب المدارس والجامعات، والمستهدف منها 1600 متدرب بواقع 150 متدرب بكل قرية من القرى المستهدفة في مبادرة حياة كريمة.
الحق في حماية الأسرة “خلية المجتمع”
نصت الصكوك الدولية على وجوب منح الأسرة أكبر قدر ممكن من الحماية والمساعدة، وهكذا تفعل حياة كريمة بوصولها إلى الأسر المصرية في القرى الأكثر احتياجا، وتوابعها بتوفيرها لخدمات المياه والصرف والكهرباء والغاز الطبيعي؛ والأنشطة الثقافية والرياضية.
حيث تنوعت خدمات مياه الشرب بين 51 محطة تنقية مياه شرب بطاقة “واحد مليون م3 /يوم” لخدمة المناطق المحرومة وللقضاء على الانقطاعات ونظام المناوبات، و421 مشروع لرفع كفاءة المحطات الصغيرة، بالإضافة إلى إحلال وتجديد 3000 كم مواسير متهالكة، وأضافت المبادرة 130 محطة معالجة بطاقة أكثر من 2مليون م3 لمعالجة مياه الصرف لجميع المناطق المحرومة، وتحسين جودة مياه المصارف الزراعية.
أما عن خطوط الكهرباء، فقد تغيرت خطتها من اعتماد التغذية على مصدرين بدلاً من مصدر واحد فقط؛ بما يسهم في استقرار التيار الكهربائي، وتقليل فترات الانقطاع؛ بالإضافة إلى 4.5 مليون عداد مسبوق الدفع.
وقد قامت حياة كريمة بالدخول في تطوير وإنشاء مراكز الشباب بعدد 945 مركز شباب موزعين ما بين 674 مركز شباب جاري رفع كفاءتهم، وإنشاء 271 مركز شباب جديد للقرى الأكثر احتياجاً؛ فضلاً عن نشر ثقافة الكتاب للجميع في إطار مشروع “كتابك”، بالإضافة إلى تقديم العروض المسرحية المتنقلة بالمجان لخدمة أهالي الريف المصري.
وتوصيل الغاز الطبيعي للمنازل المستهدفة لحوالي 4000000 وحدة سكنية في 1337 قرية، بالإضافة إلى مد مواسير غاز طبيعي لأطوال بلغت 16000 كم طولي.
الحق في حد أدنى من الحياة الكريمة
نصت الصكوك الدولية على حداً أدنى من مستوى المعيشة يكفل الكرامة للمواطن داخل دولته على صعيد المأكل والملبس والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية الضرورية، وبحقه في تحسين متواصل لظروفه المعيشية. هنا حققت حياة كريمة ببناء “سكن كريم” في عدد من المحافظات هذا الحد الأدنى في 20 محافظة؛ حيث بلغ عدد المستحقين 120 ألف منزلاً بحوالي 360 ألف وحدة مزمع إنشاؤها بتكلفة 72 مليار جنيه. فضلاً عن رفع كفاءة 125 “مستشفى متكامل”، وتمويل 350000 مشروع متناهي الصغر، وميكنة خدمات تنظيم الأسرة وربط قواعد البيانات لضمان وصول حياة كريمة للمستحقين وفق الأولويات التي وضعتها الدولة، حيث تستهدف حياة كريمة من خلال التشغيل الدائم تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بــ 1.4 مليار جنيه، وذلك بقرى المرحلة الأولى من خلال جهاز المشروعات الصغيرة والمتوسطة، أما عن التشغيل المؤقت، فقد أطلقت حياة كريمة فرصاً للتدريب المهني، وأتاحت من خلال مشروعات البنية التحتية كثيفة العمالة فرصاً للعمل للعمالة غير المنتظمة.
وتسهيلاً على الفلاح في الحصول على جميع الخدمات الزراعية بمكان واحد وبشكل لائق كانت فكرة (المجمعات الزراعية)، والتوسع في مراكز تجميع الألبان. وقد تنوعت هذه المجمعات بواقع 333 مجمعاً زراعياً. فضلاً عن مشروع تأهيل وتبطين الترع بإجمالي أطوال 2500 كم؛ حيث تم الانتهاء من 37% من 2450 كم مقرر تبطينها وتأهيلها بواقع 900كم تم تنفيذها بالفعل من إجمالي عدد مشروعات بلغ 232 مشروعاً.
وخدمة لذوي القدرات الخاصة؛ أنشئت 20 مركزاً لخدمات ذوي الاحتياجات الخاصة، وأدخلت حياة كريمة خدمة الإنترنت فائق السرعة للريف المصري؛ وحسنت تغطية شبكات المحمول داخل الريف من خلال تنفيذ 1000 برج تغطية بقرى المرحلة الأولى، والتعليم عن بعد وتنفيذ منظومة التأمين الصحي الشامل في 1413 قرية من قرى حياة كريمة. بالإضافة إلى تطوير 917 مكتب بريد بقرى المرحلة الأولى.
وقد وضعت خطة متكاملة لربط القرى بالطرق والمحاور الرئيسية، من خلال رصف وتثبيت جميع الشوارع بالقرية بما يتناسب مع البيئة الريفية، بإجمالي أطوال 14500 كم. وتسهيلاً لحركة الأفراد والمركبات على ضفتي المجاري المائية بطريقة آمنة؛ سعت حياة كريمة إلى تنفيذ 617 مشروعات كباري، توزعت بين إنشاء 261 كوبري جديد، وإحلال 187 كوبري جديد، ورفع كفاءة 169 كوبري جديد.
كل ذلك يهدف إلى تحسين مستوى المعيشة للمواطن المصري أينما كان بشكل عاجل؛ وكما قال السيد رئيس الجمهورية؛ “هندخل هذه المناطق ونطلع منها حاجة تانية خالص”.
وتستمر الرؤية الوطنية الشاملة لملف حقوق الإنسان عبر إعلان السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية عن إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان 2021 – 2026، والتي تتفق والمعايير الدولية لحقوق الإنسان ذات الصلة ورؤية مصر الاستراتيجية للتنمية المستدامة 2030م، فضلاً عن اعتبار عام 2022 عاما للمجتمع المدني؛ مما يؤكد إدراك القيادة السياسية والحكومة العميق لدور المجتمع المدني في تحقيق حقوق الإنسان بمفهومها الشامل بطبيعة تشاركية تقوم على الشفافية.