نظارته السوداء لم تكن عائقًا أمام تحقيقه لمقولته الشهيرة بأن «التعليم كالماء والهواء»، بل كانت دافعًا لإنماء علمه وبصيرته وليصبح عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين. وفي ذكرى ميلاده، نستعرض أهم وأبرز المحطات في مسيرة حياته العلمية والأدبية.
طه حسين واحد من أبرز الأدباء المصريين الذين أثروا المكتبة المصرية والعربية بكتاباته التي لا تزال خالدة رغم مرور 49 عامًا على رحيله. فهو صاحب بصمة ثقافية واضحة، وواحد من رواد الثقافة المصرية الحديثة.
ولد في مثل هذا اليوم، في 15 من نوفمبر عام 1889 بعزبة الكيلو، التابعة لمركز مغاغة في محافظة المنيا. فقد بصره في الرابعة من عمره إثر إصابته بالرمد ونتيجة للإهمال في علاجه. لكن ذلك لم يمنعه من الالتحاق، بكتَّاب القرية ليتعلم اللغة العربية والحساب وتلاوة القرآن الكريم، وحفظه في مدة قصيرة أذهلت الجميع.
كان طه حسين من أوائل المنتسبين للجامعة المصرية حين تم افتتاحها عام 1908، ونال شهادة الدكتوراه عام 1914، وكانت أول رسالة دكتوراه منحتها الجامعة المصرية. وسافر الدكتور طه حسين إلى فرنسا لاستكمال دراسته العليا والحصول على درجة الدكتوراه الثانية، وكانت بعثته على نفقة الحكومة المصرية عام 1914 ونزل أولًا في مونبيليه ودرس الأدب الفرنسي وعلم النفس والتاريخ الحديث حتى عام 1915.
عاد إلى مصر عام 1919 أستاذًا للتاريخ القديم بالجامعة المصرية، وفي عام 1925 عُين أستاذًا لتاريخ الأدب العربى في كلية الآداب، وفي عام 1928 شغل وظيفة عميد كلية الآداب، ثم تجدد تعيينه عام 1930. وفي عام 1934 تولى عمادة كلية الآداب حتى عام ،1939 ثم انتُدب مراقبًا عامًا للثقافة بوزارة المعارف كما انتُدب مديرًا لجامعة الإسكندرية عند تأسيسها عام 1942. وفي عام 1946، أسس مجلة «الكاتب المصرى» ورأس تحريرها، وفي عام 1949 حصل على جائزة الدولة فى الأدب.
نال عشرات الجوائز والأوسمة الدولية والمصرية، أبرزها «قلادة النيل» عام 1965. كما رُشِح لجائزة نوبل عدة مرات، وأهدته عديد من الجامعات الدولية درجاتها للدكتوراه الفخرية.
وعلى مدار مسيرته، دعا طه حسين إلى نهضة أدبية، وتميزت كتاباته بأسلوب سهل واضح مع الاعتزاز بمفردات اللغة وقواعدها. ورغم ما وجه إليه من انتقاد، استمر في دعوته إلى التجديد ودعا إلى أهمية إعداد المعلمين الذين يقومون بتدريس اللغة العربية والأدب ليكونوا على قدر كبير من التمكن والثقافة.
ومن بين أبرز كتاباته ومؤلفاته، كتاب «الأيام»، و«المعذبون في الأرض»، و«مستقبل الثقافة في مصر». هذا بالإضافة إلى عدد من الروايات التي تم تحويلها إلى أعمال فنية وظهرت على شاشة السينما؛ مثل «دعاء الكروان» و«الحب المفقود» و«الوعد الحق».
ورغم رحيله في 28 أكتوبر عام 1973، يبقى عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين أحد أهم الأصوات الأدبية في الوطن العربي حتى يومنا هذا.