بقلم: ليلى زيدان
تعتبر أمراض الفطريات من الأمراض المعروفة وليست بالجديدة على المجتمع والناس، ولكن مؤخرًا نالت حظًا كبيرًا من الاهتمام والتساؤلات، بل وأثارت بعض التصريحات الغريبة والشائعات حول مرض «الفطر الأسود» ومصاحبته لفيروس كورونا موجة من الهلع والذعر بين المصريين، ولذلك وجب تناول هذا الموضوع لنشر الوعي والهدوء والاطمئنان بين الناس والمتابعين لأخبار هذ المرض.
وبادئ ذى بدء، لابد من توضيح أن مرض الفطر الأسود ليس جديدًا، وهو مرض غير مرتبط على الإطلاق بفيروس كورونا، وأنه بالأساس مرض فطري يرتبط بالنقص الشديد في المناعة.
والمسبب الرئيسي لهذا المرض هو فطر (Mucor) أو (rhizopus)؛ وهى مجموعة فطريات تسبب مجموعة أمراض فطرية تسمى (Mucormycosis). وقد لوحظ زيادة حدوثه تزامنًا مع استمرار موجات الكورونا المتتالية.
وحقيقة الأمر، أن ما أطلق عليه الفطر الأسود، ليس بفطر في الحقيقة، ولونه ليس أسود. ولكن أطلق عليه هذا الاسم نظرًا لأنه يتسبب في تحول الأنسجة التي يصيبها إلى اللون الأسود، وهو من أسوأ أنواع فطريات التى تصيب الأنف والجيوب الأنفية. فهو نوع متغلغل يتسبب في تجلطات الأوعية الدموية، وبالتالي غرغرينا بالأنسجة، وتحول الجلد أو العظام أو الغشاء المخاطي أو الأعضاء إلى اللون الأسود، مصحوبًا برائحة كريهة يشعر بها المخالطين للمريض، وليس المريض نفسه.
وعادة يصيب هذا المرض، مرضى تدهور ونقص المناعة الشديدة (immunocompromised)؛ نتيجة مرض السكري المزمن غير المنضبط، أو الفشل الكلوي المتقدم، أو الأورام الخبيثة المتأخرة، أو نتيجة تعاطي عقاقير الكورتيزون بكثافة أو بدون إشراف طبي، أو تعاطي مثبطات المناعة بكثرة. وعادة ما تبدأ أعراض المرض بالحرارة وألم الأنف والعين والصداع الشديد، ثم انسداد جهة واحدة من الأنف مع رائحة كريهة جدًّا بالأنف يلاحظها المحيطون، وليس المريض نفسه.
وتعود موجة الذعر والهلع التى سببها هذا الفطر بين جموع الناس إلى أنه وللأسف إذا لم يتم التعامل مع هذا المرض مبكرًا فى مراحله الأولى، فقد يمتد إلى العين بسرعة كبيرة مما يؤدي إلى فقدان البصر، أو يمتد إلى المخ مما يؤثر على درجة الوعي وحركة الجسم. وقد يمتد إلى بشرة الوجه مما يتسبب في تلونها باللون الأسود وقد يمتد إلى الفك العلوي والأسنان.
ويعتمد علاج الفطر الأسود بالأساس على سرعة استعادة وتحسين المناعة. أولاً، بعلاج المسببات مع تعاطي عقاقير ضد الفطريات بالوريد تحت رعاية طبية دقيقة في محاوله لتحديد انتشاره، وبعد ذلك يمكن استئصال كل أماكن الغرغرينا السوداء المصابة بالفطر بالأنف والجيوب الانفية والوجنتين ومنطقة العيون وما حولها.
علاقة مرض الفطر الأسود بفيروس كورونا
سادت موجة من الشائعات بأن مرض الفطر الأسود يأتى مرافقًا لفيروس كورونا، وهذا ليس صحيح بالمرة فاحتمالات إصابة مرضى كورونا بالفطر الأسود محدودة جدًّا، ويعتقد أن أسباب حدوث مرض الفطر الأسود في مرضى الكورونا نتيجة تأثير المرض نفسه على المناعة مباشرة، أو نتيجة حدوث فشل كلوي نتيجة الكورونا أو نتيجة استخدام الأدوية المثبطة للمناعة بكثرة والكورتيزون بكثرة كعلاج. وهذا يحتمل حدوثه في مرضي الكورونا في الحالات المتقدمة فقط.
وهنا تأتي أهمية اللقاح الخاص بكورونا. فمن الملاحظ أن البلاد التي نجحت في تطعيم نسبة كبيرة من مواطنيها يقل فيها ظهور؛ مثل هذه المضاعفات الخطيرة لفيروس الكورونا. فالمعلوم أن التطعيم قد لا يمنع العدوى تمامًا لكل الناس، ولكنه أثبت فعاليته بالفعل في عدم تطور المرض إلى مراحل متقدمة وظهور؛ مثل هذه المضاعفات الخطيرة، وبالتالي نجح في انخفاض نسبة الوفيات بدرجة ملحوظة.
حفظنا الله وإياكم أجمعين.